التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (34)

وقوله - سبحانه - : { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } معطوف على قوله { كَذَلِكَ فَعَلَ الذين مِن قَبْلِهِمْ } وما بينهما اعتراض .

وحاق : بمعنى أحاط ، من الحيق بمعنى الإِحاطة ، وبابه باع ، يقال : حاق يحيق ، وخص فى الاستعمال بإحاطة الشر ، ومنه قوله - تعالى - : { وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ } أى : هكذا تمادى أسلافهم فى الكفر والجحود ، فأصابهم جزاء سيئات أعمالهم ، وأحاط بهم العذاب من كل جانب ، بسبب كفرهم وسخريتهم بالرسل وبما أخبروهم به من حساب وثواب وعقاب فى الآخرة ، وسيقال لهؤلاء المجرمين يوم القيامة وهم يردون النار : { هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } وبذلك نرى أن هاتين الآيتين ، قد هددتا الكافرين ودعتهما إلى الدخول فى الحق ، وحذرتاهم من انتهاج نهج الظالمين من قبلهم .