نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (34)

{ فأصابهم } أي فتسبب عن ظلمهم لأنفسهم أن أصابهم { سيئات } أي عقوبات أو جزاء سيئات { ما عملوا وحاق } أي أحاط ضابطة { بهم } من العذاب والمرسل به من الملائكة { ما كانوا به } أي خاصة { يستهزئون * } تكبراً عن قبول الحق .

ومادة حاق واوية ويائية - بتراكيبها الست : حوق ، حقو ، قحو ، قوح ، وقح ، حيق - تدور على الإحاطة ، ويلزمها صلابة المحيط ولين المحاط به : حاق به الشيء - إذا نزل به فأحاط ، والحيق : ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله ، وحاق فيه السيف : حاك أي عمل - من التسمية باسم الجزء ، ولأنه في الأغلب يكون في عمله الموت المحيط بالأجل ، وحاق بهم الأمر : لزمهم ووجب عليهم ونزل بهم ، والحيقة : شجرة كالشيح يؤكل بها التمر - كأنه يحيط بالتمرة ، وحايقه : حسده وأبغضه - لإحاطة ذلك .

والحوق - بالضم : ما أحاط بالكمرة من حروفها ، وبالضم والفتح معاً : استدارة في الذكر ، والحوق - بالفتح فقط : الإحاطة ، والأحوق والمحوق - كمعظم : الكمرة - كأنها مختصة بذلك لكبرها ، ومنه فيشلة حوقاء : عظيمة - كأنها لعظمها هي التي ظهر حرفها دون غيرها ، وأرض محوقة - بضم الحاء : قليلة النبت لقلة المطر - كأنه تشبه بالكمرة في ملاستها ، وتركت النخلة حوقاء - إذا أشعل في الكرانيف - لاستدارة النار بها أو لشبهها بعد حريق السعف بالذكر أو رأسه ، والحوقة بالفتح : الجماعة الممخرقة - لأن الجماعة لها قوة الاستدارة ، والممخرق إن كان من الكذب فمن لازمه العوج ، وإن كان من المخراق - وهو المنديل الذي يلف للعب به - فاللعب به على هيئة الاستدارة ، وحوق عليه تحويقاً : عوج عليه الكلام ، والحوق - بالفتح أيضاً : الكنس والدلك والتمليس لأن كلاًّ منها ترد فيه اليد إلى قريب من مكانها فيشبه الإحاطة ولو بالتعويج .

والحقو : الكشح ، وهو ما بين عظم رأس الورك إلى الضلع الخلف لأنه موضع إحاطة الإزار ، والإزار نفسه حقو لأنه آلته أو الحقو معقد الإزار ، والحقو : موضع غليظ مرتفع عن السيل - من الصلابة والاستدارة لأن السيل يحيط به أو يكاد ، ومن السهم : موضع الريش لأنه يشبه الحقو في استدارته وغلظ بعض ودقة بعض ، وفي إحاطة الريش به ، ومن الثنية : جانباها - من الإحاطة أو مطلق العوج ، والحقوة : وجع في البطن من أكل اللحم - للحوق وجعه الحقو .

والأقحوان : نبت يستدير به زهره ، وأقاحي الأمر : تباشيره - لأنها تحيط به غالباً ، وقحاً المال : أخذه - لما يلزمه من الإحاطة ، والمقحاة : المجرفة - لأنها تحيط بالمجروف .

ومن اللين : قاح الجرح يقوح : صارت فيه مدة خالصة لا يخالطها دم كقاح يقيح - واوية ويائية ، ولما يلزمه من الاستدارة غالباً ، وقوّح الجرح : انتبر - إما من الموضع الغليظ المرتفع عن السيل ، وإما من استدارته ، وقاح البيت : كنسه كقوّحه ، والقاحة : الساحة - لاستدارتها غالباً ، وأقاح : صمم على المنع بعد السؤال - إما من الإزالة - أي أزال اللين - وإما من الصلابة .

ومن الصلابة : الوقاح - للحافر الصلب ، وهو من الاستدارة أيضاً ، ورجل وقاح الوجه : قليل الحياء - منه ، والموقح - كمعظم : المجرب ، وتوقيح الحوض : إصلاحه بالمدر والصفائح - للاستدارة والصلابة .