الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَسَوۡفَ يُحَاسَبُ حِسَابٗا يَسِيرٗا} (8)

والحسابُ اليسيرُ : هو العَرْضُ ؛ ومن نُوقِشَ الحسابَ هَلَكَ ؛ كذا في الحديث الصحيح ، وعن عائشةَ : هو أن يعرفَ ذنوبَه ثم يُتَجَاوَزَ عنْه ، ونحوُه في الصحيح عن ابن عمر ، انتهى ، وفي الحديث " عن عائشةَ قالتْ : سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ في بَعْضِ صَلاَتِهِ : «اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَاباً يَسِيراً ، فَلَمَّا انصرف ؛ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْحِسَابُ اليَسِيرُ ؟ قال : أَنْ يَنْظُرَ في كِتَابِهِ وَيَتَجَاوَزَ عَنْهُ ؛ إنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَا عَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ هَلَكَ ، وَكُلُّ مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةَ تَشُوكُهُ » " ، قال صاحب «السلاح » : رواه الحَاكِمُ في «المُسْتَدْرَكِ » ، وقال : صحيحٌ على شَرْطِ مُسْلِمٍ ، انتهى ، ورَوَى ابن عُمَرَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدُّنْيَا ، هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ حِسَابَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ " ؛ قال عِزُّ الدينِ بنُ عَبدِ السَّلاَمِ في اختصاره ل«رعاية المحاسبي » : أجمع العلماءُ على وجوبِ محاسَبَةِ النفسِ فيما سَلَفَ من الأعمال وفيما يُسْتَقْبَلُ منها ، «فالْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وتمنى عَلَى اللَّهِ » ، انتهى .