فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّهُمۡ يَكِيدُونَ كَيۡدٗا} (15)

11

{ إنهم يكيدون كيدا( 15 ) } إن أكابر المجرمين ، والملأ الكافرين يعملون المكايد . ويحتالون ما وسعتهم الحيلة ، ويمكرون المكر الكبير ليطفئوا نور الله بإلقاء الشبهات ، والطعن في النبوة ، والسعي في قتل النبي والذين يأمرون بالقسط من الناس ، وما هو من هذا البلاء يريدون به الصد عن سبيل ربنا ودينه ؛ { كيدا } عظيما ، فإن التنوين والتوكيد يشعران بذلك ؛ { وأكيد كيدا( 15 ) }- سمى جزاء الكيد بالاستدراج والإمهال المؤدي إلى زيادة الإثم الموجبة لشدة العذاب { كيدا } .

يقول صاحب روح المعاني : أي أقابلهم بكيد لا يمكن رده ، حيث أستدرجهم من حيث لا يعلمون ، أو أقابلهم بكيدي في إعلاء أمره وإكثار نوره من حيث لا يحتسبون . . . { فمهل الكافرين } فلا تشتغل بالانتقام منهم ولا تدع عليهم بالهلاك ؛ أو تأن وانتظر الانتقام منهم . . . والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها . اه

عن السدي : حتى آمر بالقتال ، ولعله المراد بالإمهال القريب أو القليل ؛ ومما قال ابن زيد . . . لما أراد الانتصار منهم أمره بجهادهم وقتالهم والغلظة عليهم ؛ ومما نقل عن الجوهري في { رويدا } أن يكون نعتا للمصدر ؛ أي : إمهالا رويدا : ويجوز أن يكون للحال ؛ أي : أمهلهم غير مستعجل لهم العذاب . اه .

فاصبر أيها المؤمن على ما هديت إليه من الدين الذي لم يرتض الله تعالى غيره ، ولا يستخفنك الذين لا يؤمنون ، بل استمسك بمنهاج القرآن ، وحين يتأذن ربنا بملاقاة أهل البغي والعدوان سيعذبهم بأيدينا وينصرنا عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين .