وقوله تعالى : { وكل شيء فعلوه في الزبر } إشارة إلى أن الأمر غير مقتصر على إهلاكهم بل الإهلاك هو العاجل والعذاب الآجل الذي هو معد لهم على ما فعلوه ، مكتوب عليهم ، والزبر هي كتب الكتبة الذين قال تعالى فيهم : { كلا بل تكذبون بالدين ، وإن عليكم لحافظين ، كراما كاتبين } و{ فعلوه } صفة شيء والنكرة توصف بالجمل .
في الزُّبر : مكتوب في سجل ، أو كتب الحفظة .
مستطر : مسطور مكتوب في اللوح المحفوظ .
52-53- { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَر } .
كل صغيرة وكبيرة ، كل ذنب أو معصية ارتكبها المجرمون سُجلت في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام ، وكل صغير من الأمور أو كبير منها ، قد سُطر تسطيرا وسُجّل تسجيلا ، ودُوّن في صحائف الأعمال .
قال سبحانه وتعالى : { وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } . ( الكهف : 49 ) .
وقال سبحانه وتعالى : ما يَلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد . ( ق : 18 ) .
لا تحقرن من الذنوب صغيرا *** إن الصغير غدا يعود كبيرا
إن الصغير وإن تقادم عهده *** عند الإله مسطّر تسطيرا
فاسأل هدايتك الإله فتتئد *** فكفى بربّك هاديا ونصيرا
وفي معنى الآيتين الكريمتين قوله تعالى : { وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } . ( يونس : 61 ) .
{ وَكُلُّ شيء فَعَلُوهُ } من الكفر والمعاصي ، والضمير المرفوع للأشياع كما روى عن ابن عباس . والضحاك . وقتادة . وابن زيد ، وجملة { فَعَلُوهُ } صفة { شَىْء } والرابط ضمير النصب ، وقوله تعالى : { فِى الزبر } متعلق بكون خاص خبر المبتدا أي كل شيء فعلوه في الدنيا مكتوب في كتب الحفظة غير مغفول عنه ، وتفسير { الزبر } . اللوح المحفوظ كما حكاه الطبرسي ليس بشيء ، ولم يختلف القراء في رفع { كُلٌّ } وليست الآية من باب الاشتغال فلا يجوز النصب لعدم بقاء المعنى الحاصل بالرفع لو عمل المشتغل بالضمير في الاسم كما هو اللازم في ذلك الباب إذ يصير المعنى ههنا حينئذ فعلوا { فِى الزبر } كل شيء إن علقنا الجار بفعلوا وهم لم يفعلوا شيئاً من أفعالهم في الكتب بل فعلوها في أماكنهم والملائكة عليهم السلام كتبوها عليهم في الكتب ، أو فعلوا كل شيء مكتوب { فِى الزبر } إن جعلنا الجار نعتاً لكل شيء ، وهذا وإن كان معنى مستقيماً إلا أنه خلاف المعنى المقصود حالة الرفع وهو ما تقدم آنفاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.