الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَكُلُّ شَيۡءٖ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ} (52)

وسيأتي قريباً آيةٌ عكسَ هذه أعني في اختيار الرفع وهي قولُه { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ } فإنَّه لم يختلف في رفعِه قالوا لأنَّ نصبَه يُؤدَّي إلى فسادِ المعنى لأنَّ الواقعَ خلافُه ، وذلك أنَّك لو نَصَبْتَه لكان التقديرُ : فعلوا كلَّ شيءٍ في الزبُر ، وهو خلافُ الواقع ؛ إذ في الزُّبُر أشياءُ كثيرةٌ جداً لم يفعلوها . وأمَّا قراءةُ الرفعِ فتؤَدِّي أنَّ كلَّ شيءٍ فعلوه هم ، ثابتٌ في الزُبُر وهو المقصود فلذلك اتُّفِقَ على رفعِه ، وهذان الموضعان مِنْ نُكَتِ المسائلِ العربيةِ التي اتَّفق مجيئُها في سورةٍ واحدةٍ في مكانَيْن متقاربين ومما يَدُلُّ على جلالةِ علمِ الإِعراب وإفهامهِ المعانيَ الغامضةَ . والجاهلون لأهل العلم أعداءٌ .