مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

ثم قال تعالى : { أفرأيت الذي تولى ، وأعطى قليلا وأكدى ، أعنده علم الغيب فهو يرى } وفيه مسائل :

المسألة الأولى : قال بعض المفسرين : نزلت الآية في الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم وسمع وعظه ، وأثرت الحكمة فيه تأثيرا قويا ، فقال له رجل : لم تترك دين آبائك ، ثم قال له : لا تخف وأعطني كذا وأنا أتحمل عنك أوزارك ، فأعطاه بعض ما التزمه ، وتولى عن الوعظ وسماع الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال بعضهم : نزلت في عثمان رضي الله عنه ، كان يعطي ماله عطاء كثيرا ، فقال له أخوه من أمه عبد الله بن سعد بن أبي سرح : يوشك أن يفنى مالك فأمسك ، فقال له عثمان : إن لي ذنوبا أرجو أن يغفر الله لي بسبب العطاء ، فقال له أخوه : أنا أتحمل عنك ذنوبك إن تعطي ناقتك مع كذا ، فأعطاه ما طلب وأمسك يده عن العطاء ، فنزلت الآية ، وهذا قول باطل لا يجوز ذكره ، لأنه لم يتواتر ذلك ولا اشتهر ، وظاهر حال عثمان رضي الله عنه يأبى ذلك ، بل الحق أن يقال : إن الله تعالى لما قال لنبيه صلى الله عليه وسلم من قبل { فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا } وكان التولي من جملة أنواعه تولي المستغني ، فإن العالم بالشيء لا يحضر مجالس ذكر ذلك الشيء ، ويسعى في تحصيل غيره ، فقال { أفرأيت الذي تولى } عن استغناء ، أعلم بالغيب ؟ .

المسألة الثانية : الفاء تقتضي كلاما يترتب هذا عليه ، فماذا هو ؟ نقول : هو ما تقدم من بيان علم الله وقدرته ، ووعده المسيء والمحسن بالجزاء وتقديره هو أن الله تعالى لما بين أن الجزاء لا بد من وقوعه على الإساءة والإحسان ، وأن المحسن هو الذي يجتنب كبائر الإثم ، فلم يكن الإنسان مستغنيا عن سماع كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه ، فبعد هذا من تولى لا يكون توليه إلا بعد غاية الحاجة ونهاية الافتقار .

المسألة الثالثة : { الذي } على ما قال بعض المفسرين عائد إلى معلوم ، وهو ذلك الرجل وهو الوليد ، والظاهر أنه عائد إلى مذكور ، فإن الله تعالى قال من قبل { فأعرض عن من تولى عن ذكرنا } وهو المعلوم لأن الأمر بالإعراض غير مختص بواحد من المعاندين فقال : { أفرأيت الذي تولى } أي الذي سبق ذكره ، فإن قيل : كان ينبغي أن يقول الذين تولوا ، لأن ( من ) في قوله : { عمن تولى } للعموم ؟ نقول : العود إلى اللفظ كثير شائع قال تعالى : { من جاء بالحسنة فله } ولم يقل فلهم .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

33 - أتأملت فرأيت الذي أعرض عن اتباع الحق ، وأعطى شيئاً قليلاً من المال ، وقطع العطاء ؟ ! أعنده علم الغيب فهو منكشف له عما يدفعه إلى التولي عن الحق والبخل بالمال ؟

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

بعد ذلك يجيء المقطع الأخير في السورة . في إيقاع كامل التنغيم ، أشبه بإيقاع المقطع الأول . يقرر الحقائق الأساسية للعقيدة كما هي ثابتة منذ إبراهيم صاحب الحنيفية الأولى . ويعرف البشر بخالقهم ، بتعليمهم بمشيئته الفاعلة المبدعة المؤثرة في حياتهم ويعرض آثارها واحدا واحدا بصورة تلمس الوجدان البشري وتذكره وتهزه هزا عميقا . . حتى إذا كان الختام وكان الإيقاع الأخير تلقته المشاعر مرتجفة مرتعشة متأثرة مستجيبة :

( أفرأيت الذي تولى ، وأعطى قليلا وأكدى ? أعنده علم الغيب فهو يرى ? أم لم ينبأ بما في صحف موسى ، وإبراهيم الذي وفى . ألا تزر وازرة وزر أخرى . وأن ليس للإنسان إلا ما سعى . وأن سعيه سوف يرى . ثم يجزاه الجزاء الأوفى . وأن إلى ربك المنتهى . وأنه هو أضحك وأبكى . وأنه هو أمات وأحيا . وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى . وأن عليه النشأة الأخرى ، وأنه هو أغنى وأقنى . وأنه هو رب الشعرى . وأنه أهلك عادا الأولى . وثمود فما أبقى . وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى . والمؤتفكة أهوى . فغشاها ما غشى . فبأي آلاء ربك تتمارى ? هذا نذير من النذر الأولى . أزفت الآزفة . ليس لها من دون الله كاشفة . أفمن هذا الحديث تعجبون ، وتضحكون ولا تبكون ، وأنتم سامدون ? فاسجدوا لله واعبدوا ) . . وذلك ( الذي تولى ، وأعطى قليلا وأكدى ) . . الذي يعجب الله من أمره الغريب ، تذكر بعض الروايات أنه فرد معين مقصود ، أنفق قليلا في سبيل الله ، ثم انقطع عن البذل خوفا من الفقر . ويحدد الزمخشري في تفسيره " الكشاف " شخصه ، أنه عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ويذكر في ذلك قصة ، لا يستند فيها إلى شيء ، ولا يقبلها من يعرف عثمان - رضي الله عنه - وطبيعته وبذله الكثير الطويل في سبيل الله بلا توقف وبلا حساب كذلك ؛ وعقيدته في الله وتصوره لتبعة العمل وفرديته .

وقد يكون المقصود شخصا بذاته . وقد يكون نموذجا من الناس سواء . فالذي يتولى عن هذا النهج ، ويبذل من ماله أو من نفسه لهذه العقيدة ثم يكدي - أي يضعف عن المواصلة ويكف - أمره عجيب ، يستحق التعجيب ويتخذ القرآن من حاله مناسبة لعرض حقائق العقيدة وتوضيحها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

{ أفرأيت الذي تولى } عن اتباع الحق والثبات عليه .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

قوله جل ذكره : { أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى } .

أعرض عن الحقِّ .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

توبيخ من اعترف بالحق ثم أعرض عنه

{ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ( 33 ) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى ( 34 ) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ( 35 ) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ( 36 ) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ( 37 ) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ( 38 ) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ( 39 ) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ( 40 ) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ( 41 ) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ( 42 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ( 43 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ( 44 ) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ( 45 ) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ( 46 ) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ( 47 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ( 48 ) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ( 49 ) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ( 50 )وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ( 51 ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ( 52 ) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ( 53 ) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ( 54 ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ( 55 ) } .

33

المفردات :

تولى : أعرض عن اتباع الإسلام ، وعن الثبات على الحق .

وأكدى : قطع العطاء ، من قولهم : حفر فأكدى ، أي : بلغ إلى كدية ، أي صخرة تمنعه من إتمام العمل .

التفسير :

33 ، 34 ، 35- { أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى } .

هل شاهدت هذا النموذج من الناس ، الذي رقّ قلبه للإسلام ، وعظَّم القرآن ومدحه ، ثم تولى عن الإسلام وأعرض عنه ، وأعطى بلسانه مدحا للقرآن ، ثم منع ذلك المدح لكتاب الله ورفض الإسلام ، استجابة لتحريض صديق له من المشركين ، حرَّضه على الكفر ، ووعده بأن يتحمل عنه العذاب يوم القيامة ، وأمر القيامة وشؤونه4ا غيب لا يعلمه4ا إلا الله ، ولا يُعرف إلا بطريق الوحي ، فهل نزل عليه وحي يؤيد أن صاحبه سيتحمل عنه العذاب ؟ وهل عنده غيب من عند الله يفيد أن الله سيقبل أن يتحمل إنسان العذاب عن إنسان آخر ؟

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

{ أفرأيت } أي أخبرني . ومفعولها الأول الموصول . والثاني جملة " أعنده علم الغيب " .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

تولى : أعرضَ عن اتباع الحق .

أَعلمتَ يا محمدُ بأمر ذلك الجاحد الذي أعرضَ عن اتّباع الحق .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

شرح الكلمات :

{ أفرأيت الذي تولى } : أي عن الإِسلام بعد ما قارب أن يدخل فيه .

المعنى :

/د33

فقال تعالى في أسلوب حمل فيه السامع على التعجب : { أفرأيت الذي تولي } أي عن الإسلام بعد أن قارب الوصول إليه والدخول فيه .

/ذ54

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

{ 33-62 } { أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى * أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا *وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى }

إلى آخر السورة يقول تعالى : { أَفَرَأَيْتَ } قبح حالة من أمر بعبادة ربه وتوحيده ، فتولى عن ذلك وأعرض عنه ؟