الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ} (33)

أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في معزاة فجاء رجل فلم يجد ما يخرج عليه فلقي صديقاً له فقال : أعطني شيئاً ، قال : أعطيك بكري هذا على أن تتحمل بذنوبي ، فقال له : نعم ، فأنزل الله { أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلاً وأكدى } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن دراج أبي السمح قال : « خرجت سرية غازية فسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله ، فقال : لا أجد ما أحملك عليه فانصرف حزيناً فمر برجل رحاله منيخة بين يديه فشكا إليه ، فقال له الرجل : هل لك أن أحملك فتلحق الجيش ؟ فقال : نعم ، فنزلت { أفرأيت الذي تولى } إلى قوله { ثم يجزاه الجزاء الأوفى } » .

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : إن رجلاً أسلم فلقيه بعض من يعيره فقال : أتركت دين الأشياخ وضللتهم ، وزعمت أنهم في النار ؟ قال : إني خشيت عذاب الله قال : أعطني شيئاً وأنا أحمل كل عذاب كان عليك فأعطاه شيئاً ، فقال : زدني فتعاسرا حتى أعطاه شيئاً وكتب له كتاباً وأشهد له ، ففيه نزلت هذه الآية { أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلاً وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى } .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { أفرأيت الذي تولى } قال : الوليد بن المغيرة ، كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فيسمع ما يقولان وذلك { ما أعطى } من نفسه أعطى الاستماع { وأكدى } قال : انقطع عطاؤه نزل في ذلك { أعنده علم الغيب } قال : الغيب القرآن أرأى فيه باطلاً أنفذه ببصره إذ كان يختلف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر .