مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَإِذٗا لَّأٓتَيۡنَٰهُم مِّن لَّدُنَّآ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (67)

النوع الثالث : قوله تعالى : { وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما } .

واعلم أنه تعالى لما بين أن هذا الإخلاص في الإيمان خير مما يريدونه من النفاق وأكثر ثباتا وبقاء ، بين أنه كما أنه في نفسه خير فهو أيضا مستعقب الخيرات العظيمة وهو الأجر العظيم والثواب العظيم . قال صاحب «الكشاف » : و«إذا » جواب لسؤال مقدر ، كأنه قيل : ماذا يكون من هذا الخير والتثبيت . فقيل : هو أن نؤتيهم من لدنا أجرا عظيما ، كقوله : { ويؤت من لدنه أجرا عظيما } .

وأقول : إنه تعالى جمع في هذه الآية قرائن كثيرة ، كل واحدة منها تدل على عظم هذا الأجر . أحدها : أنه ذكر نفسه بصيغة العظمة وهي قوله : { آتيناه } وقوله : { من لدنا } والمعطي الحكيم إذا ذكر نفسه باللفظ الدال على عظمة عند الوعد بالعطية دل ذلك على عظمة تلك العطية ، وثانيها : قوله : { من لدنا } وهذا التخصيص يدل على المبالغة ، كما في قوله : { وعلمناه من لدنا علما } وثالثها : أن الله تعالى وصف هذا الأجر بالعظيم ، والشيء الذي وصفه أعظم العظماء بالعظمة لا بد وأن يكون في نهاية الجلالة ، وكيف لا يكون عظيما ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : " فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " .