{ ولئن أصابكم فضل من الله } من ظفر وغنيمة ليقولن : { كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم { كأن لم تكن } بالتاء المنقطة من فوق يعني المودة ، والباقون بالياء لتقدم الفعل . قال الواحدي : وكلا القراءتين قد جاء به التنزيل . قال : { قد جاءتكم موعظة من ربكم } وقال في آية أخرى : { فمن جاءه موعظة من ربه } فالتأنيث هو الأصل والتذكير يحسن إذا كان التأنيث غير حقيقي ، سيما إذا وقع فاصل بين الفعل والفاعل .
المسألة الثانية : قرأ الحسن { ليقولن } بضم اللام أعاد الضمير إلى معنى «من » لأن قوله : { لمن ليبطئن } في معنى الجماعة ، إلا أن هذه القراءة ضعيفة لأن «من » وإن كان جماعة في المعنى لكنه مفرد في اللفظ ، وجانب الأفراد قد ترجح في قوله : { قال قد أنعم الله على } وفي قوله : { يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما } .
المسألة الثالثة : لقائل أن يقول : لو كان التنزيل هكذا : ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما كان النظم مستقيما حسنا ، فكيف وقع قوله : { كأن لم تكن بينكم وبينه مودة } في البين ؟
وجوابه : أنه اعتراض وقع في البين وهو في غاية الحسن ، بيانه أنه تعالى حكى عن هذا المنافق أنه إذا وقعت للمسلمين نكبة أظهر السرور الشديد بسبب أنه كان متخلفا عنهم ، ولو فازوا بغنيمة ودولة أظهر الغم الشديد بسبب فوات تلك الغنيمة ، ومثل هذه المعاملة لا يقدم عليها الإنسان إلا في حق الأجنبي العدو ، لأن من أحب إنسانا فرح عند فرحه وحزن عند حزنه ، فأما إذا قلبت هذه القضية فذاك إظهار للعداوة .
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إنه تعالى حكى عن هذا المنافق سروره وقت نكبة المسلمين ، ثم أراد أن يحكي حزنه عند دولة المسلمين بسبب أنه فاته الغنيمة ، فقبل أن يذكر هذا الكلام بتمامه ألقى في البين قوله : { كأن لم تكن بينكم وبينه مودة } والمراد التعجب كأنه تعالى يقول : انظروا إلى ما يقول هذا المنافق كأنه ليس بينكم أيها المؤمنون وبينه مودة ولا مخالطة أصلا ، فهذا هو المراد من الكلام ، وهو وإن كان كلاما واقعا في البين على سبيل الاعتراض إلا أنه في غاية الحسن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.