مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَمۡ لَهُمۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (43)

قوله تعالى : { أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون } أعاد التوحيد وهو يفيد فائدة قوله تعالى : { أم له البنات ولكم البنون } وفي { سبحان الله } بحث شريف : وهو أهل اللغة قالوا : سبحان اسم علم للتسبيح ، وقد ذكرنا ذلك في تفسير قوله تعالى : { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون } وأكثرنا من الفوائد ، فإن قيل يجوز أن نقول سبحان الله اسم مصدر ، ونقول سبحان على وزن فعلان فنذكر سبحان من غير مواضع الإيقاع لله كما يقال في التسبيح ، نقول ذلك مثل قول القائل من حرف جار وفي كلمة ظرف حيث يخبر عنه مع أن الحرف لا يخبر عنه فيجاب بأن من وفي حينئذ جعلا كالاسم ولم يتركا على أصلهما المستعمل في مثل قولك أخذت من زيد والدرهم في الكيس ، فكذلك سبحان فيما ذكر من المواضع لم يترك على مواضع استعماله فإنه حينئذ لم يترك علما كما يقال زيد على وزن فعل بخلاف التسبيح فيما ذكرنا .

المسألة الرابعة : ما في قوله تعالى : { عما يشركون } يحتمل وجهين : ( أحدهما ) أن تكون مصدرية معناه سبحانه عن إشراكهم ( ثانيهما ) خبرية معناه عن الذين يشركون ، وعلى هذا فيحتمل أن يكون عن الولد لأنهم كانوا يقولون البنات لله فقال سبحان الله على البنات والبنين ، ويحتمل أن يكون عن مثل الآلهة لأنهم كانوا يقولون هو مثل ما يعبدونه فقال سبحان الله عن مثل ما يعبدونه .