مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا} (27)

ثم قال تعالى : { إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا } فإن قيل : كيف عرف نوح عليه السلام ذلك ؟ قلنا : للنص والاستقراء ، أما النص فقوله تعالى : { إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } وأما الاستقراء فهو أنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فعرف طباعهم وجربهم ، وكان الرجل منهم ينطلق بابنه إليه ويقول : احذر هذا فإنه كذاب ، وإن أبي أوصاني بمثل هذه الوصية ، فيموت الكبير وينشأ الصغير على ذلك ، وقوله : { ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا } فيه وجهان : ( أحدهما ) أنهم يكونون في علمك كذلك ( والثاني ) أنهم سيصيرون كذلك .