روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا} (2)

{ والقمر إِذَا تلاها } أي تبعها فقيل باعتبار طلوعه وطلوعها أي إذا تلا طلوعه طلوعها بأن طلع من الأفق الشرقي بعد طلوعها وذلك أول الشهر فإن الشمس إذا طلعت من الأفق الشرقي أول النهار يطلع بعدها القمر لكن لا سلطان له فيرى بعد غروبها هلالاً ومناسبة ذلك للقسم به لأنه وصف له بابتداء أمره فكما أن الضحى كشباب النهار فكذا غرة الشهر كولادته وقيل باعتبار طلوعه وغروبها أي إذا تلا طلوعه غروبها وذلك في ليلة البدر رابع عشر الشهر فإنه حينئذٍ في مقابلة الشمس والبعد بينهما نصف دور الفلك فإذا كانت في النصف الفوقاني منه أعني ما يلي رؤوسنا كان القمر في التحتاني منه أعني ما يلي اقدامنا فإذا غربت طلع من الأفق الشرقي وهو المروى عن قتادة وقولهم سمي بدراً لأنه يسبق طلوعه غروب الشمس فكأنه بدرها بالطلوع لا ينافيه لأنه مبني على التقريب ومناسبة ذلك للقسم به لأنه وقت ظهور سلطانه فيناسب تعظيم شأنه وقال ابن زيد تبعها في الشهر كله ففي النصف الأول تبعها بالطلوع وفي الآخر بالغروب ومراده ما ذكر في القولين وقيل المراد تبعها في الإضاءة بأن طلع وظهر مضيئاً عند غروبها آخذاً من نورها وذلك في النصف الأول من الشهر فإنه فيه يأخذ كل ليلة منه قدراً من النور بخلافه في النصف الثاني وهو مروى عن ابن سلام واختاره الزمخشري وقال الحسن والفراء كما في «البحر » أي تبعها في كل وقت لأنه يستضيء منها فهو يتلوها لذلك وأنكر بعض الناس ذهاب أحد من السلف إلى أن نور القمر مستفاد من ضوء الشمس وزعم أنه رأى المنجمين لا غير وما ذكر حجة عليه والحجة عن أصل المسألة أظهر من الشمس وهي اختلاف تشكلاته النورية قرباً وبعداً منها مع ذهاب نوره عند حيلولة الأرض بينه وبينها وكون الاختلاف لاحتمال أن يكون أحد نصفيه مضيئاً والنصف الآخر غير مضيء وأنه يتحرك على محوره حركة وضعية حتى يرى كل نصف منهما تدريجاً وكون ذهاب النور عند الحيلولة لاحتمال حيلولة جسم كثيف بيننا وبينه لا نراه أضعف من حبال القمر كما لا يخفى وقال الزجاج وغيره تلاها معناه امتلأ واستدار فكان تابعاً لها في الاستدارة وكمال النور .

/خ15

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا} (2)

قوله : { والقمر إذا تلاها } يعني إذا تلا طلوعه طلوع الشمس . أو خلف طلوع القمر طلوع الشمس بضيائه . فما تغرب الشمس عن حيز من الأرض حتى يسطع القمر بضيائه ونوره فيه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا} (2)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني إذا تبعها [ الشمس ] يسير من خلفها ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

والقمر إذا تَبِع الشمس ... إذا غربت الشمس ، تلاها القمر طالعا ....

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فجائز أن يتلوها في كل ما ذكرنا في الشمس من المنافع والمعاني ، فيكون تاليها في العمل ، فإنه يقع به صلاح الأغذية أيضا ، وهو يدبر أيضا . إلا أنه لا ينتهي منتهاها ، ولا يبلغ مبلغها ، والله أعلم . وقال بعضهم : { إذا تلاها } أي يتلوها في أول ما يهل ، فإنه إذا وجبت الشمس في آخر اليوم من الشهر إلى غروبها بدا طلوع الهلال . وقال بعضهم : إنه يتلوها إذا صار بدرا ، وفي هذا دلالة أن منشئهما واحد لأن منافعهما تعم الخلق جميعا . ولو لم يكن مدبرهما واحدا لكانت لا تعم ، بل يمنع كل واحد منهما الآخر عن إيصال النفع إلى قوم عدوه . ...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

تبعها فأخذ من ضوئها وسار خلفها...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

قسم آخر بالقمر وتلوه الشمس ووجه الدلالة من جهة تلو القمر للشمس من جهة المعاقبة على أمور مرتبة في النقصان والزيادة ، لأنه لا يزال ضوء الشمس ينقص إذا غاب جرمها ، ويقوى ضوء القمر حتى يتكامل كذلك دائبين ، تسخيرا من الله للعباد بما ليس في وسعهم أن يجروه على شيء من ذلك المنهاج . ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ والقمر } أي المكتسب من نورها كما أن أنوار النفوس من أنوار العقول { إذا تلاها } أي تبعها في الاستدارة والنور بما دل على أن نوره من نورها من القرب الماحق لنوره والبعد المكتسب له في مقدار ما يقابلها من جرمه ، ولا يزال يكثر إلى أن تتم المقابلة فيتم النور ليلة الإبدار عند تقابلهما في أفق الشرق والغرب ، ومن ثم يأخذ في المقاربة فينقص بقدر ما ينحرف عن المقابلة ، ونسبة التبع إليه مجازية أطلقت بالنسبة إلى ما ينظر منه كذلك . ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وفي الآية إشارة إلى أن نور القمر مستفاد من نور الشمس ، أي من توجه أشعة الشمس إلى ما يقابل الأرض من القمر ، وليس نيّراً بذاته ، وهذا إعجاز علمي من إعجاز القرآن وهو مما أشرت إليه في المقدمة العاشرة . وابتدئ بالشمس لمناسبة المقام إيماء للتنويه بالإِسلام لأن هديه كنور الشمس لا يترك للضلال مسلكاً ، وفيه إشارة إلى الوعد بانتشاره في العالم كانتشار نور الشمس في الأفق ، واتبع بالقمر لأنه ينير في الظلام كما أنار الإِسلام في ابتداء ظهوره في ظلمة الشرك ، ثم ذكر النهار والليل معه لأنهما مثل لوضوح الإسلام بعد ضلالة الشرك وذلك عكس ما في سورة الليل لما يأتي . ومناسبة استحضار السماء عقب ذكر الشمس والقمر ، واستحضار الأرض عقب ذكر النهار والليل ، واضحة ، ثم ذكرت النفس الإنسانية لأنها مظهر الهدى والضلال وهو المقصود .