روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا} (95)

{ وَكُلُّهُمْ ءاتِيهِ يَوْمَ القيامة فَرْداً } أي منفرداً من الأتباع والأنصار منقطعاً إليه تعالى غاية الانقطاع محتاجاً إلى إعانته ورحمته عز وجل فكيف يجانسه ويناسبه ليتخذه ولداً وليشرك به سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً ، وقيل : أي كل واحد من أهل السموات والأرض العابدين والمعبودين آتيه عز وجل منفرداً عن الآخر فينفرد العابدون عن الآلهة التي زعموا أنها أنصار أو شفعاء والمعبودون عن الأتباع الذين عبدوهم وذلك يقتضي عدم النفع وينتفي بذلك المجانسة لمن بيده ملكوت كل شيء تبارك وتعالى ، وفي { ءاتِيهِ } من الدلالة على إتيانهم كذلك البتة ما ليس في يأتيه فلذا اختير عليه وهو خبر { كُلُّهُمْ } وكل إذا أضيف إلى معرفة ملفوظ بها نحو كلهم أو كل الناس فالمنقول أنه يجوز عود الضمير عليه مفرداً مراعاة للفظه فيقال كلكم ذاهب ، ويجوز عوده عليه جمعاً مراعاة لمعناه فيقال : كلكم ذاهبون .

وحكى إبراهيم بن أصبغ في كتاب رؤس المسائل الاتفاق على جواز الأمرين ، وقال أبو زيد السهيلي : إن كلا إذا ابتدئ به وكان مضافاً لفظاً أي إلى معرفة لم يحسن إلا أفراد الخبر حملاً على المعنى لأن معنى كلكم ذاهب مثلاً كل واحد منكم ذاهب وليس ذلك مراعاة للفظ وإلا لجاز القوم ذاهب لأن كلا من كل والقوم اسم جمع مفرد اللفظ اه وفي البحر يحتاج في إثبات كلكم ذاهبون بالجمع إلى نقل عن العرب . والزمخشري في تفسير هذه الآية استعمل الجمع وحسن الظن فيه أنه وجد ذلك في كلامهم ، وإذا حذف المضاف إليه المعرفة فالمسموع من العرب الوجهان ولا كلام في ذلك .