روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{أَطَّلَعَ ٱلۡغَيۡبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (78)

وقوله تعالى : { أَطَّلَعَ الغيب } رد لكلمته الشنعاء وإظهار لبطلانها إثر ما أشير إليه بالتعجيب منها ، فالجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب ، وقيل : إنها في محل نصب واقعة موقع مفعول ثان لأرأيت على أنه بمعنى أخبرني وهو كما ترى ، والهمزة للاستفهام ، والأصل أأطلع فحذفت همزة الوصل تخفيفاً ، وقرئ { أَطَّلَعَ } بكسر الهمزة وحذف همزة الاستفهام لدلالة أم عليها كما في قوله :

بسبع رمين الجمر أم بثمان *** والفعل متعد بنفسه وقد يتعدى بعلى وليس بلازم حتى تكون الآية من الحذف والإيصال ، والمراد من الطلوع الظهور على وجه العلو والتملك ولذا اختير على التعبير بالعلم ونحوه أي أقد بلغ من عظمة الشأن إلى أن ارتقى علم الغيب الذي استأثر به العليم الخبير جل جلاله حتى ادعى علم أن يؤتى في الآخرة مالاً وولد وأقسم عليه ، وعن ابن عباس أن المعنى أنظر في اللوح المحفوظ { أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } قال لا إله إلا الله يرجو بها ذلك ، وعن قتادة العهد العمل الصالح الذي وعد الله تعالى عليه الثواب ، فالمعنى أعلم الغيب أم عمل عملاً يرجو ذلك في مقابلته . وقال بعضهم : العهد على ظاهره . والمعنى أعلم الغيب أم أعطاه الله تعالى عهداً وموثقاً وقال له : إن ذلك كائن لا محالة .

ونقل هذا عن الكلبي ، وهذه مجاراة مع اللعين بحسب منطوق مقاله كما أن كلامه كذلك ، والتعرض لعنوان الرحمانية للإشعار بعلية الرحمة لإيتاء ما يدعيه .