روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا} (93)

وقد أشير إلى ذلك بقوله سبحانه : { إِن كُلُّ مَن في السموات والأرض } أي ما منهم أحد من الملائكة والثقلين { إِلا آتِى الرحمن عَبْداً } أي إلا وهو مملوك له تعالى يأوي إليه عز وجل بالعبودية والانقياد لقضائه وقدره سبحانه وتعالى فالإتيان معنوي ، وقيل : هو حسي ، والمراد إلا ءاتى محل حكمه وهو أرض المحشر منقاداً لا يدعى لنفسه شيئاً مما نسبوه إليه وليس بذاك كما لا يخفى ، و { مِنْ } موصولة بمعنى الذي و { كُلٌّ } تدخل عليه لأنه يراد منه الجنس كما قيل في قوله تعالى { والذي جَاء بالصدق } [ الزمر : 33 ] وقوله :

وكل الذي حملتني أتحمل *** وقيل : موصوفة لأنها وقعت بعد { كُلٌّ } نكرة وقوعها بعد رب في قوله :

رب من أنضجت غيظاً صدره *** قد تمنى لي موتاً لم يطع

ورجح في البحر الأول بأن مجيئها موصوفة بالنسبة إلى مجيئها موصولة قليل : وقرأ عبد الله . وابن الزبير وأبو حيوة . وطلحة . وأبو بحرية . وابن أبي عبلة . ويعقوب { ءات } بالتنوين { مُّقْتَدِرِ الرحمن } بالنصب على الأصل .

ونصب { عَبْداً } في القراءتين على الحال . واستدل بالآية على أن الوالد لا يملك ولده وأنه يعتق عليه إذا ملكه .

ومن باب الإشارة { إِن كُلُّ مَن في السموات والأرض إِلا آتِى الرحمن عَبْداً } [ مريم : 93 ] فقيراً ذليلاً منقاداً مسلوب الأنانية بالكلية