روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (86)

{ أُولَئِكَ الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة } أي آثروا الحياة الدنيا واستبدلوها بالآخرة وأعرضوا عنها مع تمكنهم من تحصيلها { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب } الموعودون( {[177]} ) به يوم القيامة أو مطلق ( العذاب ) دنيوياً كان أو أخروياً .

{ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } بدفع الخزي إلى آخر الدنيا أو بدفع الجزية في الدنيا ، والتعذيب في العقبى ، وعلى الاحتمال الأول في الأمرين يستفاد نفي دفع العذاب من نفي تخفيفه بأبلغ وجه وآكده ، ورجحه بعضهم بأن المقام على الثاني يستدعي تقديم نفي الدفع على نفي التخفيف ، وتقديم المسند إليه لرعاية الفاصلة والتقوى لا للحصر إذ ليس المقام مقامه ، ولذا لم يقل فلا عنهم يخفف العذاب ، والجملة معطوفة على الصلة . ويجوز أن يوصل الموصول بصلتين مختلفتين زماناً ، وجوز أن يكون ( أولئك ) مبتدأ و( الذين ) خبره ، وهذه الجملة خبر بعد خبر ، والفاء لما أن الموصول إذا كانت صلته فعلاً كان فيها معنى الشرط ، وفيه أن معنى الشرطية لا يسري إلى المبتدأ الواقعة خبراً عنه ، وجوز أيضاً أن يكون ( أولئك ) مبتدأ و( الذين ) مبتدأ ثان ، وهذه الجملة خبر الثاني ، والمجموع خبر الأول ، ولا يحتاج إلى رابط لأن الذين هم أولئك ، ولا يخفى ما فيه هذا .


[177]:_ قوله: الموعودون به كذا بخط مؤلفه وتأمل اهـ مصححه.