روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ سَقۡفٗا مَّحۡفُوظٗاۖ وَهُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهَا مُعۡرِضُونَ} (32)

{ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً } من البلى والتغير على طول الدهر كما روي عن قتادة ، والمراد أنها جعلت محفوظة عن ذلك الدهر الطويل ، ولا ينافيه أنها تطوي يوم القيامة طي السجل للكتب وإلى تغيرها ودثورها ذهب جميع المسلمين ومعظم أجلة الفلاسفة كما برهن عليه صدر الدين الشيرازي في اسفاره وسنذكره إن شاء الله تعالى في محله .

وقيل : من الوقوع ، وقال الفراء : من استراق السمع بالرجوم ، وقيل عليه : انه يكون ذكر السقف لغواً لا يناسب البلاغة فضلا عن الإعجاز ، وذكر في وجهه أن المراد أن حفظها ليس كحفظ دور الأرض فإن السراق ربما تسلقت من سقوفها بخلاف هذه ، وقيل : إنه للدلالة على حفظها عمن تحتها ويدل على حفظا عنهم على أتم وجه ، وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماء فقال : «إن السماء سقف مرفوع وموج مكفوف تجري كما يجري السهم محفوظة من الشياطين » وهو إذا صح لا يكون نصاً في معنى الآية كما زعم أبو حيان ، وقيل : من الشرك والمعاصي ، ويرد عليه ما أورد على سابقه كما لا يخفى .

{ وَهُمْ عَنْ ءاياتها } الدالة على وحدانيتنا وعلمنا وحكمتنا وقدرتنا وإرادتنا التي بعضها ظاهر كالشمس وبعضها معلوم بالبحث عنه { مُّعْرِضُونَ } ذاهلون عنها لا يجيلون قداح الفكر فيها ، وقرأ مجاهد . وحميد { عَنْ آيتها } بالإفراد ووجه بأنه لما كان كل واحد مما فيها كافياً في الدلالة على وجوع الصانع وصفات كماله وحدت الآية لذلك ، وجعل الأعراض على هذه القراءة بمعنى إنكار كونها آية بينة دالة على الخالق معرضون وليس بلازم .