{ وَقَالُواْ إِنْ هي إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا } أصله إن الحياة إلا حياتنا الدنيا ثم وضع الضمير موضع الحياة لأن الخبر يدل عليها ويبينها فالضمير عائد على متأخر وعوده كذلك جائز في صور ، منها إذا فسر بالخبر كما هنا كذا قالوا . واعترض بأن الخبر موصوف فتلاحظ الصفة في ضميره كما هو المشهور في الضمير الراجع إلى موصوف وحينئذٍ يصير التقدير إن حياتنا الدنيا إلا حياتنا الدنيا .
وأجيب بأن الضمير قد يعود إلى الموصوف بدون صفته ، وهذا في الآخرة يعود إلى القول بأن الضمير عائد على ما يفهم من جنس الحياة ليفيد الحمل ما قصدوه من نفي البعث فكأنهم قالوا : لا حياة إلا حياتنا الدنيا ومن ذلك يعلم خطأ من قال : إنه كشعري شعري ، ومن هذا القبيل على رأي قولهم : هي العرب تقول ما شاءت ، وقوله
: هي النفس ما حملتها تتحمل *** وللدهر أيام تجوز وتعدل
وفي «الكشف » ليس المعنى النفس النفس لأنه لا يصلح الثاني حينئذٍ تفسيراً والجملة بعدها بياناً بل الضمير راجع إلى معهود ذهني أشير إليه ثم أخبر بما بعده كما في هذا أخوك انتهى فتأمل ولا تغفل . وقوله تعالى : { نَمُوتُ وَنَحْيَا } جملة مفسرة لما ادعوه من أن الحياة هي الحياة الدنيا وأرادوا بذلك يموت بعضنا ويولد بعض وهكذا ، وليس المراد بالحياة حياة أخرى بعد الموت إذ لا تصلح الجملة حينئذٍ للتفسير ولا يذم قائلها وناقضت قولهم : { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } وقيل : أرادوا بالموت العدم السابق على الوجود أو أرادوا بالحياة بقاء أولادهم فإن بقاء الأولاد في حكم حياة الآباء ولا يخفى بعده ، ومثله على ما قيل وأنا لا أراه كذلك أن القوم كانوا قائلين بالتناسخ فحياتهم بتعلق النفس التي فارقت أبدانهم بأبدان أخر عنصرية تنقلت في الأطوار حتى استعدت لأن تتعلق بها تلك النفس المفارقة فزيد مثلاً إذا مات تتعلق نفسه ببدن آخر قد استعد في الرحم للتعلق ثم يولد فإذا مات أيضاً تتعلق نفسه ببدن آخر كذلك وهكذا إلى ما لا يتناهى ، وهذا مذهب لبعض التناسخية وهم مليون ونحليون ، ويمكن أن يقال : إن هذا على حد قوله تعالى لعيسى عليه السلام : { إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } [ آل عمران : 55 ] على قول فإن العطف فيه بالواو وهي لا تقتضي الترتيب فيجوز أن تكون الحياة التي عنوها الحياة التي قبل الموت ويحتمل أنهم قالوا نحيا ونموت إلا أنه لما حكى عنهم قيل : { نَمُوتُ وَنَحْيَا } ليكون أوفق بقوله تعالى : { إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا } ثم المراد بقولهم { وَمَا نَحْنُ } الخ استمرار النفي وتأكيده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.