روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصۡرِفۡ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} (65)

{ والذين يَقُولُونَ } في أعقاب صلواتهم أو غي عامة أوقاتهم { رَبَّنَا اصرف عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } أي لازماً كما أخرجه الطستي عن ابن عباس وأنشد رضي الله تعالى عنه في ذلك قول بشر بن أبي حاتم :

ويوم النسار ويوم الجفار *** كانا عذاباً وكانا غراماً

ومثله قول الأعشى :

ان يعاقب يكن غراماً وان يع *** ط جزيلاً فإنه لا يبالي

وهذا اللزوم إما للكفار أو المراد به الامتداد كما في لزوم الغريم . وفي رواية أخرى عنه تفسيره بالفظيم الشديدذ . وفسره بعضهم بالمهلك ، وفي حكاية قولهم هذا مزيد مدح لهم ببيان أنهم مع حسن معاملتهم مع الخلق واجتهادهم في عبادة الحق يخافون العذاب ويبتهلون إلى ربهم عز وجل في صرفه عنهم غير محتفلين بأعمالهم كقوله تعالى : { والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبّهِمْ راجعون } [ المؤمنون : 60 ] وفي ذلك تحقيق إيمانهم بالبعث والجزاء ، والظاهر أن قوله تعالى : { إِنَّ عَذَابَهَا } الخ من كلام الداعين وهو تعليل لاستدعائهم المذكور بسوء حال عذابها .

ومن باب الإشارة : { والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً } [ الفرقان : 65 ] إشارة إلى مزيد خوفهم من القطيعة والبعد عن محبوبهم وذلك ما عنوه بعذاب جهنم لا العذاب المعروف فإن المحب الصادق يستعذبه مع الوصال ألا تسمع ما قيل :

فليت سليمي في المنام ضجيعتي *** في جنة الفردوس أو في جهنم