روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَعَقَرُوهَا فَأَصۡبَحُواْ نَٰدِمِينَ} (157)

{ فَعَقَرُوهَا } نسب العقر إليهم كلهم مع أن عاقرها واحد منهم وهو قدار بن سالف وكان نساجاً على ما ذكره غير واحد ، وجاء في رواية أن مسطعاً ألجأها إلى مضيق في شعب فرماها بسهم فأصاب رجلها فسقطت ثم ضربها قدار لما روي أن عاقرها قال : لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين فكانوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقول : أترضين ؟ فتقول : نعم وكذلك الصبيان فرضوا جميعاً ، وقيل : لأن العقر كان بأمرهم ومعاونتهم جميعاً كما يفصح عنه قوله تعالى : { فَنَادَوْاْ صاحبهم فتعاطى فَعَقَرَ } [ القمر : 29 ] وفيه بحث { فَأَصْبَحُواْ نادمين } خوفاً من حلول العذاب كما قال جمع ، وتعقب بأنه مردود بقوله تعالى : { وَقَالُواْ } أي بعد ما عقروها : { وَقَالُواْ يا صالح ائتنا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ المرسلين } [ الأعراف : 77 ] ، وأجيب بأن قوله بعد ما عقروها في حيز المنع إذ الواو لا تدل على الترتيب فيجوز أن يريدوا بما تعدنا من المعجزة أو الواو حالية أي والحال أنهم طلبوها من صالح ووعدوه الإيمان بها عند ظهورها مع أنه يجوز ندم بعض وقول بعض آخر ذلك بإسناد ما صدر من البعض إلى الكل لعدم نهيهم عنه أو نحو ذلك أو ندموا كلهم أو لا خوفاً ثم قست قلوبهم وزال خوفهم أو على العكس ، وجوز أن يقال : إنهم ندموا على عقرها ندم توبة لكنه كان عند معاينة العذاب وعند ذلك لا ينفع الندم ، وقيل : لم ينفعهم ذلك لأنهم لم يتلافوا ما فعلوا بالإيمان المطلوب منهم .

وقيل : ندموا على ترك سقبها ولا يخفى بعده ، ومثله ما قيل : إنهم ندموا على عقرها لما فاتهم به من لبنها ، فقد روي أنه إذا كان يومها أصدرتهم لنا ما شاؤوا .