روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَبِكُفۡرِهِمۡ وَقَوۡلِهِمۡ عَلَىٰ مَرۡيَمَ بُهۡتَٰنًا عَظِيمٗا} (156)

{ وَبِكُفْرِهِمْ } عطف على بكفرهم الذي قبله ، ولا يتوهم أنه من عطف الشيء على نفسه ولا فائدة فيه لأن المراد بالكفر المعطوف الكفر بعيسى عليه السلام ؛ والمراد بالكفر المعطوف عليه ، إما الكفر المطلق أو الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم لاقترانه بقوله تعالى : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } [ النساء : 155 ] ، وقد حكى الله تعالى عنهم هذه المقالة في مواجهتهم له عليه الصلاة والسلام في مواضع ، ففي العطف إيذان بصلاحية كل من الكفرين للسببية . وقد يعتبر في جانب المعطوف المجموع ، ومغايرته للمفرد المعطوف عليه ظاهرة ، أو عطف على { فَبِمَا نَقْضِهِم } [ النساء : 155 ] ويجوز اعتبار عطف مجموع هذا وما عطف عليه على مجموع ما قبله ، ولا يتوهم المحذور ، وإن قلنا باتحاد الكفر أيضاً لمغايرة المجموع للمجموع وإن لم يغاير بعض أجزائه بعضاً ، وقد يقال بمغايرة الكفر في المواضع الثلاثة بحمله في الأخيرين على ما أشرنا إليه ، وفي الأول على الكفر بموسى عليه السلام لاقترانه بنقض الميثاق ، وتقدم حديث العدو في السبت .

{ وَقَوْلِهِمْ على مَرْيَمَ بهتانا عَظِيماً } لا يقادر قدره حيث نسبوها وحاشاها إلى ما هي عنه في نفسها بألف ألف منزل ، وتمادوا على ذلك غير مكترثين بقيام المعجزة بالبراءة ، والبهتان الكذب الذي يتحير من شدته وعظمه ، ونصبه على أنه مفعول به لقولهم وجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أي قولاً بهتاناً ، وقيل : هو مصدر في موضع الحال أي مباهتين .