روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{يَلۡبَسُونَ مِن سُندُسٖ وَإِسۡتَبۡرَقٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (53)

{ يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } خبر ثان أو حال من الضمير في الجار والمجرور أو استئناف ، والسندس قال ثعلب : الرقيق من الديباج والواحدة سندسة ، والاستبرق غليظه ، وقال الليث : هو ضرب من البزيون يتخذ من المرعز ، ولم يختلف أهل اللغة في أنهما معربان كذا ذكره بعضهم .

وفي «الكشاف » الاستبرق ما غلظ من الديباج وهو تعريب استبر ، قال الخفاجي : ومعنى استبر في لغة الفرس الغليظ مطلقاً ثم خص بغليظ الديباج وعرب ، وقيل : إنه عربي من البراقة ، وأيد بقراءته بوصل الهمزة وهو كما ترى .

وذكر بعضهم أن السندس أصله سندي ومعناه منسوب إلى السند المكان المعروف لأن السندس كان يجلب منه فأبدلت ياء النسبة سيناً ، وقد مر الكلام في ذلك فتذكر ، ثم إن وقوع المعرب في القرآن العظيم لا ينافي كونه عربياً مبيناً . ونقل صاحب الكشف عن جار الله أنه قال : الكلام المنظوم مركب من الحروف المبسوطة في أي ليان كان تركي أو فارسي أو عربي ثم لا يدل على أن العربي أعجمي فكذا ههنا ، ثم قال صاحب الكشف : يريد أن كون استبر أعجمياً لا يلزمه أن يكون استبرق كذلك . وقرأ ابن محيصن { وَإِسْتَبْرَقٍ } فعلاً ماضياً كما في «البحر » ، والجملة حينئذٍ قيل معترضة ، وقيل : حال من { سُندُسٍ } والمعنى يلبسون من سندس وقد برق لصقالته ومزيد حسنه { متقابلين } في مجالسهم ليستأنس بعضهم ببعض .