السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَلۡبَسُونَ مِن سُندُسٖ وَإِسۡتَبۡرَقٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (53)

ولما كان لا يتم العيش إلا بكسوة البدن أشار إلى ذلك بقوله تعالى : { يلبسون } ودل على الكثرة جداً بقوله تعالى : { من سندس } وهو ما رق من الحرير يعمل وجوهاً { وإستبرق } هو ما غلظ منه يعمل بطائن ، وسمي بذلك : لشدة بريقه وقوله تعالى : { متقابلين } أي : في مجلسهم ليستأنس بعضهم ببعض حال . وقوله : { يلبسون } حال من الضمير المستكن في الجار أو خبر ثان فيتعلق الجار به أو مستأنف ، فإن قيل : الجلوس على هذه الهيئة موحش ؛ لأن كل واحد منهم يصير مطلعاً على ما يفعل الآخر وأيضاً فقليل الثواب إذا طلع على كثيره ينغص عليه ؟ أجيب : بأن أحوال الآخرة ليست كأحوال الدنيا وقد قال تعالى { ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ } ( الأعراف : 43 ) .