{ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الاولى } جملة مستأنفة أو حالية وكأنه أريد أن يقال : لا يذوقون فيها الموت البتة فوضع الموتة الأولى موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال كأنه قيل : إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها ، ونظيره قول القائل لمن يستسقيه : لا أسقيك إلا الجمر وقد علم أن الجمر لا يسقى ، ومثله قوله عز وجل : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُمْ مّنَ النساء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } [ النساء : 22 ] فالاستثناء متصل والدخول فرضي للمبالغة ، وضمير { فِيهَا } للجنات ، وقيل : هو متصل والمؤمن عند موته لمعاينة ما يعطاه في الجنة كأنه فيها فكأنه ذاق الموتة الأولى في الجنة ، وقيل : متصل وضمير { فِيهَا } للآخرة والموت أول أحوالها ، ولا يخفى ما فيه من التفكيك مع ارتكاب التجوز ، وقيل : الاستثناء منقطع والضمير للجنات أي لكن الموتة الأولى قد ذاقوها في الدنيا ، والأصل اتصال الاستثناء ، وقال الطبري : إلا بمعنى بعد ، والجمهور لم يثبتوا هذا المعنى لها ، وقال ابن عطية : ذهب قوم إلى أن إلا بمعنى سوى وضعفه الطبري .
وقال أبو حيان : ليس تضعيفه بصحيح بل يصح المعنى بسوى ويتسق . وفائدة الوصف تذكير حال الدنيا .
والداعي لما سمعت من الأوجه دفع سؤال يورد ههنا من أن الموتة الأولى مما مضى لهم في الدنيا وما هو كذلك لا يمكن أن يذوقوه في الجنة فكيف استثنيت ؟ وقيل : إن السؤال مبني على أن الاستثناء من النفي إثبات فيثبت للمستثني الحكم المنفي عن المستثنى منه ومحال أن يثبت للموتة الأولى الماضية الذوق في الجنة ، وأما على قول من جعله تكلماً بالباقي بعد الثنيا ، والمعنى لا يذوقون سوى الموتة الأولى من الموت فلا إشكال فتأمل . وقرأ عبيد بن عمير { لا } مبنياً للمفعول ، وقرأ عبد الله { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا طعم الموت } وجاء في الحديث النوم لأنه أخو الموت ، أخرج البزار . والطبراني في «الأوسط » . وابن مردويه . والبيهقي في البعث بسند صحيح عن جابر بن عبد الله قال : " قيل يا رسول الله أينام أهل الجنة ؟ قال : لا النون أخو الموت وأهل الجنة لا يموتون ولا ينامون "
{ ووقاهم عَذَابَ الجحيم } وقرأ أبو حيوة { ووقاهم } مشدد القاف على المبالغة في التكثير في الوقاية لأن التفعيل لزيادة المعنى لا للتعدية لأن الفعل متعد قبله .
ومن باب الإشارة : وقالوا : { الموتة الاولى } [ الدخان : 56 ] ما كان في الدنيا بقتل النفس بسيف الصدق في الجهاد الأكبر وهو المشار إليه بموتوا قبل أن تموتوا فمن مات ذلك الموت حيى أبداً الحياة الطيبة التي لا يمازجها شيء من ماء الألم الجسماني والروحاني وذلك هو الفوز العظيم ، والله تعالى يقول الحق وهو سبحانه يهدي السبيل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.