روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِنَّ لَكُمۡ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ} (38)

وقوله تعالى : { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } أي للذي تختارونه وتشتهونه يقال تخير الشيء واختاره أخذ خيره وشاع في أخذ ما يريده مطلقاً مفعول { تدرسون } [ القلم : 37 ] إذ هو المدروس فهو واقع موقع المفرد وأصله أن لكم فيه ما تخيرون بفتح همزة أن وترك اللام في خبرها فلما جيء باللام كسرت الهمزة وعلق الفعل عن العمل ومن هنا قيل أنه لا بد من تضمين { تدرسون } [ القلم : 37 ] معنى العلم ليجري فيه العمل في الجمل والتعليق وجوز أن يكون هذا حكاية للمدروس كما هو عليه فيكون بعينه لفظ الكتاب من غير تحويل من الفتح للكسر وضمير فيه على الأول للكتاب وأعيد للتأكيد وعلى هذا يعود لأمرهم أو للحكم فيكون محصل ما خط في الكتاب أن الحكم أو الأمر مفوض لهم فسقط قول صاحب التقريب أن لفظ فيه لا يساعده للاستغناء بفيه أولاً من غير حاجة إلى جعل ضمير فيه ليوم القيامة بقرينة المقام أو للمكان المدلول عليه بقوله تعالى { عند ربهم } [ القلم : 37 ] وعلى الاستئناف هو للحكم أيضاً وجوز الوقف على تدرسون على أن قوله تعالى : { إِنَّ لَكُمْ } الخ استئناف على معنى إن كان لكم كتاب فلكم فيه ما تتخيرون وهو كما ترى والظاهر إن { أَمْ لَكُمْ } الخ مقابل لما قبله نظراً لحاصل المعنى إذ محصله أفسد عقلكم حتى حكمتكم بهذا أم جاءكم كتاب فيه تخييركم وتفويض الأمر إليكم وقرأ طلحة والضحاك آن لكم بفتح الهمزة واللام في لما زائدة كقراءة من قرأ { إلا أنهم ليأكلون الطعام } [ الفرقان : 20 ] بفتح همزة أنهم وقرأ الأعرج أن لكم بالاستفهام على الاستئناف .