اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ لَكُمۡ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ} (38)

قوله : { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ } .

العامة على كسر الهمزة ، وفيها ثلاثة أوجه :

أحدها : أنها معمولة ل «تَدْرُسُونَ » ، أي : تدرسون في الكتاب أن لكم ما تحتاجونه ، فلما دخلت اللامُ كسرت الهمزة ، كقولك : علمت أنك عاقل - بالفتح - وعلمت إنك لعاقل - بالكسر - .

والثاني : أن تكون على الحكايةِ للمدروسِ كما هو ، كقوله : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين سَلاَمٌ على نُوحٍ فِي العالمين }[ الصافات : 78 ، 79 ] ، قالهما الزمخشري .

وفي الفرق بين الوجهين عسرٌ ، قال : «وتخير الشيء واختاره ، أخذ خيره ، كتنخله وانتخله ، أخذ منخوله » .

الثالث : أنها على الاستئناف على معنى «إن كَان لَكُمْ كتابٌ فلكُمْ متخير » .

قال القرطبي{[57653]} : تم الكلام عند قوله «تَدْرسُونَ » ثم ابتدأ فقال : { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لمَا تَخَيَّرُونَ } أي : إن لكم في هذا الكتاب إذن ما تخيرون ، أي : ليس لكم ذلك ، والكناية في «فِيْهِ » الأولى والثانية راجعة إلى الكتاب .

وقرأ طلحة{[57654]} والضحاك : «أنَّ لَكُمْ » بفتح الهمزة . وهو منصوب ب «تَدْرسُونَ » إلا أن فيه زيادة لام التأكيد ، وهي نظير قراءة { إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطعام }[ الفرقان : 20 ] بالفتح .

وقرأ الأعرج وابن{[57655]} هرمز : «أإنَّ لَكُمْ » في الموضعين ، يعني «أإنَّ لكُمْ فيْهِ لمَا تخيَّرُونَ » «أإنَّ لَكُمْ لمَا تَحْكُمونَ » بالاستفهام فيهما جميعاً .


[57653]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 18/161.
[57654]:ينظر: المحرر الوجيز 5/351، والبحر المحيط 8/308، والدر المصون 6/357.
[57655]:ينظر السابق.