روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ} (5)

وقوله تعالى : { فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ } متفرع على ما قبله وليست الفاء بفصيحة خلافاً للطيبي إذ لا يحتاج إلى حذف في استقامة الكلام أما على تقدير أن يكون الحافظ هو الله عز وجل أو الملك الذي وكله تعالى شأنه للحفظ على الوجه الذي سمعت فلانه لما أثبت سبحانه أن عليه رقيباً منه تعالى حثه على النظر المعرف لذلك مع أوصافه كأنه قيل فليعرف المهيمن عليه بنصبه الرقيب أو بنفسه وليعلم رجوعه إليه تعالى وليفعل ما يسر به حال الرجوع وعبر عن الأول بقوله تعالى : { فَلْيَنظُرِ } ليبين طريق المعرفة فهو بسط فيه إيجاز وأدمج فيه الأخيران وأما على تقدير أن يكون المراد به العقل فلأنه لما أثبت سبحانه أن له عقلاً يرشد إلى المصالح ويكف عن المضار حثه على استعماله فيما ينفعه وعدم تعطيله وإلغائه كأنه قيل فلينظر بعقله وليتفكر به في مبدأ خلقه حتى يتضح له قدرة واهبة وأنه إذا قدر على إنشائه من مواد لم تشم رائحة الحياة قط فهو سبحانه على إعادته أقدر وأقدر فيعمل بما يسر به حين الإعادة وقد يقرر التفريع على جميع الأوجه بنحو واحد فتأمل ومم خلق استفهام ومن متعلقة بخلق والجملة في موضع نصب بينظر وهي معلقة بالاستفهام