التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ دَآئِبَيۡنِۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ} (33)

قوله : ( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ) ( دائبين ) ، منصوب على الحال من الشمس والقمر . وذلك تغليبا للقمر على الشمس ؛ لأن القمر مذكر ، والشمس مؤنثة ، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلِّب جانب المذكر على جانب المؤنث{[2405]} . وقوله : ( دائبين ) يعني دائمين في الحركة والجريان لا يفتران ، من الدؤوب ، بضم الدال ، والدأب معناه العادة والشأن{[2406]} ؛ أي ذلل الله هذين الجرمين الهائلين لمنافع الناس وتحقيق معاشهم وجعلها دائمين في الحركة لا يفتران حتى نزول هذه الدنيا .

قوله : ( وسخر لكم الليل والنهار ) أي جعلهما يتعاقبان لسباتكم ومعاشكم . في الليل يهجع الناس ويرقدون ؛ فتستريح أبدانهم وأعصابهم وأذهانهم بعد عناء النهار وما فيه من مكابدة ونصب .

وفي النهار يفيقون من هجعتهم ؛ ليبادروا الكد والكدح والبذل والسعي وهم يبتغون من فضل الله ، وليؤدوا ما عليهم من واجبات كعبادة الله وطاعته وأداء حقوق الناس التي في ذممهم كالإنفاق والزكاة وبر الوالدين وصلة الأرحام وإيتاء ذي القربى ، والاضطلاع بوجائب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ودعوة البشرية إلى دين الله وترغبيهم في منهج الله الحق وهو الإسلام .


[2405]:- البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 59.
[2406]:- المعجم الوسيط جـ 1 ص 267.