فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ دَآئِبَيۡنِۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ} (33)

{ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ( 33 ) }

{ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ } لتنتفعوا بهما وتستضيئوا بضوئهما { دَآئِبَينَ } الدؤوب مرور الشيء في العمل على عادة جارية ، والدأب العادة المستمرة دائما على حالة واحدة ، ودأب في السير دوام عليه ، ودأب في عمله جد وتعب ، وبابه قطع وخضع فهو دائب بالألف لا غير ، والدائبان الليل والنهار ، والدأب بسكون الهمزة العادة والشأن ، وقد يحرك .

ومعنى دائبين يجريان دائما في إصلاح ما يصلحانه من النبات والحيوان وإزالة الظلمة لأن الشمس سلطان النهار ، وبها يعرف فصول السنة ، والقمر سلطان الليل وبه يعرف انقضاء الشهور ، وكل ذلك بتسخير الله عز وجل وإنعامه على عباده ، وقيل دائبين في السير امتثالا لأمر الله .

قال ابن عباس : دؤبهما في طاعة الله ، والمعنى يجريان إلى يوم القيامة ولا يفتران ولا ينقطع سيرهما في فلكهما ، وهو السماء الرابعة للشمس ، وسماء الدنيا للقمر إلى آخر الدهر ، وهو انقضاء عمر الدنيا وذهابها { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } يتعاقبان ، فالنهار لسعيكم في أمور معاشكم وما تحتاجون إليه من أمور دنياكم ، والليل لتسكنوا فيه كما قال سبحانه : { ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله }