التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (25)

تفريع على جملة { قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون } [ الزخرف : 24 ] ، أي انتقمنا منهم عقب تصريحهم بتكذيب الرّسل . وهذا تهديد بالانتقام من الذين شابهوهم في مقالهم ، وهم كفار قريش .

والانتقام افتعال من النَّقْم وهو المكافأة بالسوء ، وصيغة الافتعال لمجرد المبالغة ، يقال : نَقَمَ كعلم وضَرَب ، إذا كافأ على السوء بسوء ، وفي المثل : هو كالأرقم إن يُتْرَك يَلْقَم وإن يُقْتَل يَنقَم . الأرقم : ضرب من الحيات يعتقد العرب أنه من الجن فإنْ تركه المرء يتسور عليه فيلسعه ويقتله وإن قتله المرء انتقم بتأثيره فأمَات قاتله وهذا من أوهام العرب .

والمراد بالانتقام استئصالهم وانقراضهم . وتقدم في قوله تعالى : { فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ } في سورة الأعراف ( 136 ) . ولذلك فالنظر في قوله : { فانظر كيف كان عاقبة المكذبين } نظر التفكر والتأمل فيما قصّ الله على رسوله من أخبارهم كقوله تعالى : { قال سننظر أصدقتَ أم كنت من الكاذبين } في سورة النمل ( 27 ) ، وليس نَظَرَ البصر إذ لم ير النبي حالة الانتقام فيهم . ويجوز أن يكون الخطاب لغير معيَّن ، أي لكل من يتأتى منه التأمل .

و { كيف } استفهام عن الحالة وهو قد علَّق فعل النظر عن مفعوله .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (25)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم رجع إلى الأمم الخالية، فيها تقديم، ثم قال: {فانتقمنا منهم} بالعذاب.

{فانظر كيف كان عاقبة المكذبين} بالعذاب، يخوف كفار مكة بعذاب الأمم الخالية؛ لئلا يكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فانتقمنا من هؤلاء المكذّبة رسلها من الأمم الكافرة بربها، بإحلالنا العقوبة بهم، فانظر يا محمد كيف كان عقبى أمرهم، إذ كذّبوا بآيات الله. ويعني بقوله:"عاقِبَةُ المُكَذّبِينَ" آخر أمر الذين كذّبوا رسل الله إلام صار، يقول: ألم نهلكهم فنجعلهم عبرة لغيرهم؟

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وفي قوله تعالى: {فانتقمنا منهم} الآية وعيد لقريش وضرب مثل بمن سلف من الأمم المعذبة المكذبة بأنبيائها كما كذبت هي بمحمد عليه السلام.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما علم بهذا أن أمرهم وصل إلى العناد المسقط للاحتجاج، سبب عنه قوله موعظة لهذه الأمة وبياناً لما خصها به من الرحمة: {فانتقمنا} أي بما لنا من العظمة التي استحقوا بها {منهم} فأهلكناهم بعذاب الاستئصال، وعظم أثر النقمة بالأمر بالنظر فيها في قوله: {فانظر} أي بسبب التعرف لذلك وبالاستفهام إشارة إلى أن ذلك أمر هو جدير لعظمه بخفاء سببه فقال: {كيف كان عاقبة} أي آخر أمر

{المكذبين} أي إرسالنا فإنهم هلكوا أجمعون، ونجا المؤمنون أجمعون، فليحذر من رد رسالتك من مثل ذلك...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم لا يكون إلا التدمير والتنكيل لهذه الجبلة التي لا تريد أن تفتح عينيها لترى، أو تفتح قلبها لتحس، أو تفتح عقلها لتستبين.. وهذا هو مصير ذلك الصنف من الناس يعرضه عليهم لعلهم يتبينون عاقبة الطريق الذي يسلكون...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

النظر في قوله: {فانظر كيف كان عاقبة المكذبين} نظر التفكر والتأمل فيما قصّ الله على رسوله من أخبارهم كقوله تعالى: {قال سننظر أصدقتَ أم كنت من الكاذبين} في سورة النمل (27)، وليس نَظَرَ البصر إذ لم ير النبي حالة الانتقام فيهم. ويجوز أن يكون الخطاب لغير معيَّن، أي لكل من يتأتى منه التأمل.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

من البديهي أنّ مثل هؤلاء الأقوام الطاغين المعاندين، لا يستحقون البقاء، وليست لهم أهليّة الحياة، ولابدّ أن ينزل عذاب الله ليقتلع هذه الأشواك من الطريق ويطهره منها، ولذلك فإنّ آخر آية من هذه الآيات تقول: (فانتقمنا منهم).