التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَآ أَنَا۠ لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (49)

استئناف بعد المواعظ السالفة والإنذارات ، وافتتاحه ب { قُل } للاهتمام به ، وافتتاح المقول بنداء الناس للفت ألبابهم إلى الكلام . والمخاطَبون هم المشركون .

والغرض من خطابهم إعلامهم بأن تكذيبهم واستهزاءهم لا يَغيظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصدّه عن أداء رسالته ، ففي ذلك قمع لهم إذ كانوا يحسبون أنهم بتكذيبهم واستهزائهم يُملّونه فيترك دعوتهم ، وفيه تثبيت للنبيء وتسلية له فيما يلقاه منهم .

وقصر النبي على صفة النذارة قصر إضافي ، أي لستُ طالباً نكايتكم ولا تزلفاً إليكم فمن آمن فلنفسه ومن عمى فعليها .

والنذير : المحذّر من شرّ يتوقع .

وفي تقديم المجرور المؤذن بالاهتمام بنذارتهم إيماء إلى أنهم مشرفون على شرّ عظيم فهم أحرياء بالنذارة .

والمبين : المفصِح الموضح ، أي مبين للإنذار بما لا إيهام فيه ولا مصانعة .