التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيٓ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ} (131)

وقوله : { واتقوا النار التي أعدت للكافرين } تحذير وتنفير من النَّار وما يوقع فيها ، بأنَّها معدودة للكافرين وإعدادها للكافرين . عَدل من الله تعالى وحكمة لأنّ ترتّب الأشياء على أمثالها من أكبر مظاهر الحكمة ، ومَن أشركوا بالله مخلوقاته ، فقد استحقّوا الحرمان من رحماته ، والمسلمون لا يرضَون بمشاركة الكافرين لأنّ الإسلام الحقّ يوجب كراهية ما ينشأ عن الكفر . وذاك تعريض واضح في الوعيد على أخذ الربا .

ومقابل هذا التنفير الترغيب الآتي في قوله : { وجنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين } [ آل عمران : 133 ] ، والتَّقوى أعلى درجات الإيمان .

وتعريف النار بهذه الصّلة يُشعر بأنَّه قد شاع بين المسلمين هذا الوصف للنَّار بما في القرآن من نحو قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } [ التحريم : 6 ] ، وقوله : { وبرزت الجحيم للغاوين } [ الشعراء : 91 ] الآية .