التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{يَوۡمَ لَا يُغۡنِي عَنۡهُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (46)

و{ يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً } بدل من { يومهم } [ الطور : 45 ] وفتحته فتحة إعراب لأنه أضيف إلى مُعرب .

والإِغناء : جعل الغير غنياً ، أي غير محتاج إلى ما تقوم به حاجياته ، وإذا قيل : أغنى عنه . كان معناه : أنه قام مقامه في دفع حاجة كان حقه أن يقوم بها ، ويتوسع فيه بحذف مفعوله لظهوره من المقام .

والمراد هنا لا يغني عنهم شيئاً عن العذاب المفهوم من إضافة { يوم } إلى ضميرهم ومن الصلة في قوله : { الذي فيه يصعقون } .

و { كيدهم } من إضافة المصدر إلى فاعله ، أي ما يكيدون به وهو المشار إليه بقوله : { أم يريدون كيداً } [ الطور : 42 ] ، أي لا يستطيعون كيداً يومئذٍ كما كانوا في الدنيا .

فالمعنى : لا كيد لهم فيغني عنهم على طريقة قول امرىء القيس :

على لاَحِبٍ لا يُهتدَى بمناره *** أي لا منار له فيهتدي به .

وهذا ينفي عنهم التخلص بوسائل من فعلهم ، وعطف عليه { ولا هم ينصرون } لنفي أن يتخلصوا من العذاب بفعل من يخلصهم وينصرهم فانتفى نوعا الوسائل المنجية .