المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

و : { يتنازعون } معناه : يتعاطون ، ومنه قول الأخطل : [ البسيط ]

نازعته طيب الراح الشمول وقد . . . صاح الدجاج وحانت وقعة الساري{[10646]}

والكأس : الإناء وفيه الشراب . ولا يقال في فارغ كأس ، قاله الزجاج .

وقرأ جمهور من السبعة وغيرهم «لا لغوٌ » بالرفع «ولا تأثيمٌ » كذلك . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والحسن : «لا لغوَ ولا تأثيمَ » بالنصب على التبرية وعلى الوجهين . فقوله { فيها } هو في موضع الخبر ، وأغنى خبر الأولين عن ذكر خبر الثاني . واللغو : السقط من القول . والتأثيم : يلحق خمر الدنيا في نفس شربها وفي الأفعال التي تكون من شرابها ، وذلك كله مرتفع في الآخرة .


[10646]:الضمير في (نازعته) يعود على شارب كان يشرب معه، وهو في بيت قبل هذا البيت يقول فيه: وشارب مُربح بالكأس نادمني لا بالحصور ولا فيها بسوار ومعنى مُربح أنه يذبح للضيوف الربح وهو الفُضلان الصغار، واحدها رابح، والحصور: الضيق البخيل، والَسَّوَّار: المعربد الوثاب، وتنازعنا الشراب: تناولناه بعضنا من بعض، فهو يعطيني وأنا أعطيه، والراح: الخمر، والشمول: الخمر أيضا، سميت بذلك لأنها تشمل بريحها الناس، وقيل: الشمول هي الخمر الباردة، والدجاج يراد به هنا الديوك، وإذا قيل: هذه دجاج فهم يريدون الأنثى، والساري: السائر بالليل، ووقعة الساري من قولهم: وقعت الإبل إذا بركت، ويروى:(وقفة) بالفاء.