اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

قوله : «يَتَنَازَعُونَ » في موضع نصب على الحال من مفعول : «أمْدَدْنَاهُمْ »{[53196]} ويجوز أن يكون مستأنفاً .

وتقدم الخلاف في قوله : { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا } في البقرة{[53197]} . والجملة في موضع نصب صفة لكأسٍ . وقوله : فِيهَا أي في شَرَابِهَا . وقيل : في الجَنَّة . ومعنى يتنازعون أي يَتَعَاطَوْن . ويحتمل أن يقال : التنازع التجاذب ويكون تجاذبهم تجاذب مُلاَعَبةٍ لا تَجاذُبَ مُنَازَعَة . وفيه نوع لذَّةٍ ، قال الشاعر :

نَازَعْتُهُ طَيِّبَ الرَّاحِ الشَّمُولِ وَقَدْ *** صَاحَ الدَّجَاجُ وَحَانَتْ وَقْعَةُ السَّارِي{[53198]}

وقوله : { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } قال قتادة : اللَّغْو : الباطل . وقال مقاتل بن حيّان : لا فضولَ فيها . وقال سعيد بن المسيب : لاَ رَفَث فيها . وقال ابن زَيْد : لا سبابَ ولا تخاصُمَ فيها{[53199]} .

وقال القُتَيْبِيُّ : لا يذهب عقولهم فيَلْغُوا أو يَرْفُثُوا «وَلاَ تَأْثيمٌ » أي لا يكون منهم ما يُؤْثِمُهُمْ{[53200]} . قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يكون المراد من التأثيم السُّكْر{[53201]} . وقال الزجاج : لا يجري منهم ما يُلْغَى ولا ما فيه إثم كما يجري في الدنيا لشَرَبَةِ الخَمْر{[53202]} .

وقيل : لا يأثمون في شُرْبِهَا .


[53196]:وهو قول أبي البقاء في التبيان 1184.
[53197]:عند قوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} من الآية 225.
[53198]:من البسيط وهو للأخطل. والساري هو السائر بالليل ويروى وفقة الساري. وانظر الديوان 79 و80. وشاهده: أن "نازعته" بمعنى جاذبته بلذة وملاعبة. وانظر البحر 8/149، والقرطبي 17/68، وحجة ابن خالويه 334 والشعر والشعراء 483.
[53199]:وانظر هذه الأقوال في البغوي والخازن 6/251.
[53200]:غريب القرآن له 425.
[53201]:الرازي 28/245.
[53202]:معان القرآن له 5/63.