المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰفِرۡعَوۡنُ إِنِّي رَسُولٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (104)

و { فرعون } اسم كل ملك لمصر في ذلك الزمان فخاطبه موسى بأعظم أسمائه وأحبها إليه إذ كان من الفراعنة كالنمارذة في اليونان ، وقيصر في الروم ، وكسرى في فارس ، والنجاشي في الحبشة ، وروي أن موسى بن عمران بن فاهت بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن ، وروي أن اسم فرعون موسى عليه السلام الوليد بن مصعب ، وقيل هو فرعون يوسف وأنه عمر نيفاً وأربعمائة سنة .

قال القاضي أبو محمد : ومن قال إن يوسف المبعوث الذي أشار إليه موسى في قوله { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } هو غير يوسف الصديق فليس يحتاج إلى نظر ، ومن قال إنه يوسف الصديق فيعارضه ما يظهر من قصة يوسف ، وذلك أنه ملك مصر بعد عزيزها ، فكيف يستقيم أن يعيش عزيزها إلى مدة موسى ، فينفصل أن العزيز ليس بفرعون الملك إنما كان حاجباً له .

وقرأ نافع وحده { عليّ } بإضافة «على » إليه ، وقرأ الباقون «على » سكون الياء ، قال الفارسي : معنى هذه القراءة أن «على » وضعت موضع الباء ، كأنه قال حقيق بأن لا أقول على الله الحق كما وضعت الباء موضع «على » في قوله { ولا تقعدوا بكل صراط } فيتوصل إلى المعنى بهذه ، وبهذه وكما تجيء «على » أيضاً بمعنى عن ، ومنه قول الشاعر في صفة قوسه :

أرمي عليها وهي فرع أجمع*** وهي ثلاث أذرع وإصبع