تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰفِرۡعَوۡنُ إِنِّي رَسُولٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (104)

الآية 104 وقوله تعالى : { وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين } فإن قيل : كيف قال : إني رسول الله ، وذلك يخرّج في الظاهر مخرج الامتداح والتزكية ، وقد نبّهنا عن ذلك ؛ لأنه أخبر بمحل الذي توضع الرسالة فيه ، وأنه أهل لها ؟ قيل : ليس فيه امتداح نفسه ولا تزكية له ؛ لأنه إنما يذكر منّة الله تعالى أنه جعله بحيث توضع فيه الرسالة ، وجعله أهلا لها .

والتزكية والامتداح إنما يقع في ما هو فعله حقيقة لا فعل الله ، أو إن كان تزكية وامتداحا فهو قد أمر بذلك ، فجاز بالأمر ، أو أراد بذلك تعريفه لما كان من عادة الملوك أنهم إذا بعث بعضهم إلى بعض رسولا فإنهم لا يستقبلون الرسل بالمكروه والشرر ، بل يعظّمون الرسل ، ويكرّمونهم ، وإن كان بينهم معادة .

فذكر أنه { رسول من رب العالمين } لئلا يستقبل بالمكروه .

وقوله تعالى : { من رب العالمين } قيل : العالم هو جوهر الكل ، وهو قول الفلاسفة . وقال أبو بكر الأصم : { رب العالمين } أي مليك العالمين .