معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

{ ثم إن علينا بيانه } علينا أن نبينه بلسانك . قال : وكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل ، ورواه محمد بن إسماعيل ، عن عبد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن موسى بن أبي عائشة بهذا الإسناد وقال : " كان يحرك شفتيه إذا نزل عليه ، يخشى أن ينفلت منه ، فقيل له : { لا تحرك به لسانك } { إن علينا جمعه } أن نجمعه في صدرك { وقرآنه } أن تقرأه " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

و { ثم } في { ثم إن علينا بيانه } للتراخي في الرتبة ، أي التفاوتتِ بين رتبة الجملة المعطوف عليها وهي قولُه { إنَّ علينا جَمْعه وقرآنه } ، وبين رتبة الجملة المعطوفة وهي { إِن علينا بيانه } . ومعنى الجملتين : أن علينا جمع الوحي وأن تقرأه وفوق ذلك أن تبينه للناس بلسانك ، أي نتكفل لك بأن يكون جمعه وقرآنه بلسانك ، أي عن ظهر قلبك لا بكتابة تقرأها بل أن يكون محفوظاً في الصدور بيّناً لكل سامع لا يتوقف على مراجعة ولا على إحضار مصحف من قُرب أو بُعد .

فالبيان هنا بيان ألفاظه وليس بيان معانيه لأن بيان معانيه ملازم لورود ألفاظه .

وقد احتج بهذه الآية بعض علمائنا الذين يرون جواز تأخير البيان عن المبيّن متمسكين بأن { ثم } للتراخي وهو متمسَّك ضعيف لأن التراخي الذي أفادته { ثم } إنما هو تراخ في الرتبة لا في الزمن ، ولأن { ثم } قد عَطفت مجموع الجملة ولم تعطف لفظ { بيانه } خاصة ، فلو أريد الاحتجاج بالآية للزم أن يكون تأخير البيان حقاً لا يخلو عنه البيان وذلك غير صحيح .