البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

{ ثم إن علينا بيانه } : أي بيان أمره وشرح عقوبته .

وحاصل قول هذا القول أنه تعالى يقرر الكافر على جميع أفعاله على التفصيل ، وفيه أشد الوعيد في الدنيا والتهويل في الآخرة .

{ ثم إن علينا بيانه } ، قال قتادة وجماعة : أن نبينه لك ونحفظكه .

وقيل : أن تبنيه أنت .

وقال قتادة أيضاً : أن نبين حلاله وحرامه ومجمله ومفسره .

وفي التحرير والتحبير قال ابن عباس : { إن علينا جمعه } : أي حفظه في حياتك ، وقراءته : تأليفه على لسانك .

وقال الضحاك : نثبته في قلبك بعد جمعه لك .

وقيل : جمعه بإعادة جبريل عليك مرة أخرى إلى أن يثبت في صدرك .

{ ثم إن علينا بيانه } : إذا أشكل عليك شيء من معانيه ، كأنه كان يعجل في الحفظ والسؤال عن المعنى جميعاً ، كما ترى بعض الحراص على العلم ونحوه ، ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه . انتهى .

وذكر أبو عبد الله الرازي في تفسيره : أن جماعة من قدماء الروافض زعموا أن القرآن قد غير وبدل وزيد فيه ونقص منه ، وأنهم احتجوا بأنه لا مناسبة بين هذه الآية وما قبلها ، ولو كان التركيب من الله تعالى ما كان الأمر كذلك .

ثم ذكر الرازي مناسبات على زعمه يوقف عليها في كتابه ، ويظهر أن المناسبة بين هذه الآية وما قبلها أنه تعالى لما ذكر منكر القيامة والبعث معرضاً عن آيات الله تعالى ومعجزاته وأنه قاصر شهواته على الفجور غير مكترث بما يصدر منه ، ذكر حال من يثابر على تعلم آيات الله وحفظها وتلقفها والنظر فيها وعرضها على من ينكرها رجاء قبوله إياها ، فظهر بذلك تباين من يرغب في تحصيل آيات الله ومن يرغب عنها .

وبضدها تتميز الأشياء . . .

ولما كان عليه الصلاة والسلام ، لمثابرته على ذلك ، كان يبادر للتحفظ بتحريك لسانه أخبره تعالى أنه يجمعه له ويوضحه .