تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

الآية 19 : وقوله تعالى : { ثم إن علينا بيانه } جائز أن يكون قوله : { علينا بيانه } أي بيان ما أنزلناه مجملا ، فيكون بيانه في تعريف ما هو بحق الإتمام وما هو في حق الجواز وما هو في حق التحسين والتزيين ، لأن الفرائض لها شعب وأركان وحواش ، أو نقول : فيها فرائض ولوازم وآداب وأركان على هذا ، وفيه منع تعليق الحكم بظاهر المخرج ، لأنه لو كان متعلقا به لكان البيان منقضيا بنفس المنزل ، فلا يحتاج إلى أن يبين .

وفيه دلالة تأخير البيان عن وقت قرع{[22799]} الخطاب السمع ، ويحتمل أن يكون قوله عز وجل : { ثم إن علينا بيانه } أي بيان ما هو بحق الكنايات والنتائج منها ، وما هو بحق الأصول والفروع ، وما هو بحق المقصود .

فيبين لرسوله عليه السلام معنى الأصول والكنايات ليتعرف به[ على ]{[22800]} فروعها ونتائجها ، ويبين لمن بعده من جاهد في الله حق جهاده ، ويهديه لذلك[ كما ]{[22801]} قال الله تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }[ العنكبوت : 69 ] أو يكون قوله : { ثم إن علينا بيانه } في أن يحفظك ، ويعصمك ، لتتمكن من تبليغ ما أنزل إليك إلى الخلق ، وتبين لهم ، والله أعلم .

ووجه آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى كل من كان شاهدا من الخلائق إلى يوم التنادي ، ثم لم يمكن من تبليغ الرسالة إلى كل أحد مما ذكرنا بنفسه ، فكأنه ضمن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التبليغ إلى الخلائق كافة بما شاء ، جل جلاله ، إما بتسخير الرواة والحفّاظ والعلماء ليبلغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدي إليهم ، وإما{[22802]} بكون قوله : { ثم إن علينا بيانه } أي بيان المحق من المبطل والوليّ من العدوّ ؛ وذلك يكون يوم القيامة ، فيعرف الأولياء بما يحيّون من الكرامات ، ويتبين الأعداد/617 – أ/ والمبطلون ما يحل بهم من الحساب وأنواع العذاب .


[22799]:في الأصل و م: وقوع.
[22800]:ساقطة من الأصل و م.
[22801]:ساقطة من الأصل و م.
[22802]:في الأصل و م: أو.