معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ} (13)

قوله تعالى : { وحملناه } يعني : نوحاً ، { على ذات ألواح ودسر } يعني سفينة ذات ألواح ، ذكر النعت وترك الاسم ، أراد بالألواح خشب السفينة العريضة ، ( ودسر ) أي : المسامير التي تشد بها الألواح ، واحدها دسار ودسير ، يقال : دسرت السفينو إذا شددتها بالمسامير . وقال الحسن : الدسر صدر السفينة سميت بذلك لأنها تدسر الماء بجؤجؤها ، أي تدفع . وقال مجاهد : هي عوارض السفينة . وقيل : أضلاعها وقال الضحاك : الألواح جانباها ، والدسر أصلها وطرفاها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ} (13)

{ وحملناه على ذات ألواح } ذات أخشاب عريضة . { ودسر } ومسامير جمع دسار من الدسر ، وهو الدفع الشديد وهي صفة للسفينة أقيمت مقامها من حيث أنها كالشرح لها تؤدي مؤداها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ} (13)

وذات الألواح والدسر : هي السفينة قيل كانت ألواحها وخشبها من ساج ، والدسر : المسامير ، واحدها : دسار ، وهذا هو قول الجمهور ، وهو عندي من الدفع المتتابع ، لأن المسمار يدفع أبداً حتى يستوي . وقال الحسن وابن عباس أيضاً : الدسر : مقادم السفينة ، لأنها تدسر الماء أي تدفعه والدسر : الدفع . وقال مجاهد وغيره : نطق السفينة{[10768]} . وقال أيضاً : هو أرض السفينة . وقال أيضاً : أضلاع السفينة ، وقد تقدم القول في شرح قصة السفينة مستوعباً ، وجمهور الناس على أنها كانت على هيئة السفن اليوم كجؤجؤ الطائر{[10769]} ، وورد في بعض الكتب أنها كانت مربعة ، طويلة في السماء ، واسعة السفل ، ضيقة العلو ، وكان أعلاها مفتوحاً للهواء والتنفس ، قال : لأن الغرض منها إنما كانت السلامة حتى ينزل الماء ، ولم يكن طلب الجري وقصد المواضع المعينة ، ومع هذه الهيئة فلها مجرى ومرسى ، والله أعلم كيف كانت ، والكل محتمل .


[10768]:النطق: جمع نطاق، وهو حزام يُشد به وسط الشيء ليصير متينا متماسكا.
[10769]:جؤجؤ الطائر: مُجتمع رءوس عظام الصدر، ويسمى صدر السفينة جؤجؤا، وفي حديث علي رضي الله عنه:(كأني أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة أو نعامة جاثمة).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ} (13)

و { ذات ألواح ودُسُر } صفة السفينة ، أقيمت مقام الموصوف هنا عوضاً عن أن يقال : وحملناه على الفلك لأن في هذه الصفة بيان متانة هذه السفينة وإحكام صنعها . وفي ذلك إظهار لعناية الله بنجاة نوح ومن معه فإن الله أمره بصنع السفينة وأوحى إليه كيفية صنعها ولم تكن تعرف سفينة قبلها ، قال تعالى : { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا } [ هود : 36 ، 37 ] ، وعادة البلغاء إذا احتاجوا لذكر صفة بشيء وكان ذكرها دالاً على موصوفها أن يستغنوا عن ذكر الموصوف إيجازاً كما قال تعالى : { أن اعمل سابغات } [ سبأ : 11 ] ، أي دروعاً سابغات .

والحمل : رفع الشيء على الظهر أو الرأس لنقله { وتحمل أثقالكم } [ النحل : 7 ] وله مجازات كثيرة .

والألواح : جمع لوح ، وهو القطعة المسوّاة من الخشب .

والدسر : جمع دِسار ، وهو المسمار .

وعدي فعل ( حملنا ) إلى ضمير نوح دون من معه من قومه لأن هذا الحمل كان إجابة لدعوته ولنصره فهو المقصود الأول من هذا الحمل ، وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى : { فأنجيناه والذين معه برحمة منا } [ الأعراف : 72 ] وقوله : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } [ المؤمنون : 28 ] ونحوه من الآيات الدالة على أنه المقصود بالإنجاء وأن نجاة قومه بمعيته ، وحسبك قوله تعالى في تذييل هذه الآية { جزاء لمن كان كفر } فإن الذي كان كُفِر هو نوح كفر به قومه .

و { على } للاستعلاء المجازي وهو التمكن كقوله تعالى : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } ، وإلا فإن استقراره في السفينة كائن في جوفها كما قال تعالى : { إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية } [ الحاقة : 11 ] { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين } [ هود : 40 ] .