ثم قال تعالى : { فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } قال المفسرون : هو عاقر الناقة ، واسمه قُدّار بن سالف ، وكان أشقى قومه . كقوله : { إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا } [ الشمس : 12 ] . { فَتَعَاطَى } أي : فَجَسر{[27783]}
و : { صاحبهم } هو قدار بن سالف ، وبسببه سمي الجزار القدار لشبه في الفعل ، قال الشاعر [ عدي بن ربيعة ] : [ الكامل ]
إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم . . . ضرب القدار نقيعة القدام{[10786]}
وقد تقدم شرح أمر قدار بن سالف . و : «تعاطى » مطاوع عاطى ، فكأن هذه الفعلة تدافعها الناس وأعطاها بعضهم بعضاً ، فتعاطاها هو وتناول العقر بيده ، قاله ابن عباس ، ويقال للرجل الذي يدخل نفسه في تحمل الأمور الثقال متعاط على الوجه الذي ذكرناه ، والأصل عطا يعطو ، إذا تناول ، ثم يقال : عاطى ، وهو كما تقول : جرى وجارى وتجارى وهذا كثير ، ويروى أنه كان مع شرب وهم التسعة الرهط ، فاحتاجوا ماء فلم يجدوه بسبب ورد الناقة ، فحمله أصحابه على عقرها .
ويروى أن ملأ القبيل اجتمع على أن يعقرها ، ورويت أسباب غير هذين ، وقد تقدم ذلك .
فنادَوا صاحبهم الذي أغروه بقتلها وهو قُدار بضم القاف وتخفيف الدال بنُ سالف . ويعرف عند العرب بأحمر ، قال زهير :
فَتُنْتِجْ لكم غلمانَ أشأَمَ كلَّهم *** كأحمرِ عَاد ثم تُرضع فَتفْطِم
يريد أحمر ثمود لأن ثموداً إخوة عاد ( ولم أقف على سبب وصفه بأحمر وأحسب أنه لبياض وجهه ) . وفي الحديث بُعثت إلى الأحمر والأسود ، وكان قُدار من سَادتهم وأهل العزة منهم ، وشبههُ النبي بأبي زمعة يعني الأسودَ بن المطلب بن أسد في قوله : فانتدب لها رجل ذو منعة في قومه كأبي زمعة ( أي فأجاب نداءهم فَرماها بنبل فقتلها ) .
وعبر عنه بصاحبهم للإِشارة إلى أنهم راضون بفعله إذ هم مصاحبون له وممالئون .
ونداؤهم إياه نداء الإِغراء بالناقة وإنما نادوه لأنه مشتهر بالإِقدام وقلة المبالاة لعزته .
وتعاطى } مطاوع عاطاه وهو مشتق من : عطَا يعطو ، إذا تناول . وصيغة تفاعل تقتضي تعدد الفاعل ، شبه تخوف القوم من قتلها لما أنذرهم به رسولهم من الوعيد وتردُّدُهم في الإِقدام على قتلها بالمعاطاة فكل واحد حين يُحجم عن مباشرة ذلك ويشير بغيره كأنه يعطي ما بيده إلى يد غيره حتى أخذه قُدار .
وعطف { فعقر } بالفاء للدلالة على سرعة إتيانه ما دعوه لأجله .
والعقر : أصله ضرب البعير بالسيف على عراقيبه ليسقط إلى الأرض جاثياً فيتمكن الناحر من نَحره . قال أبو طالب :
ضروبٌ بنصل السيف سُوق سمائها *** إذا عدموا زادا فإنك عاقر
وغلب إطلاقه على قتل البعير كما هنا إذ ليس المراد أنه عَقَرها بل قتلها بنبله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.