معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَا مِنكُم مَّلَـٰٓئِكَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَخۡلُفُونَ} (60)

قوله تعالى : { ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة } أي : ولو نشاء لأهلكناهم وجعلنا بدلاً منكم ملائكة ، { في الأرض يخلفون } يكونون خلفاًء منكم يعمرون الأرض ويعبدونني ويطيعونني . وقيل : يخلف بعضهم بعضاً .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَا مِنكُم مَّلَـٰٓئِكَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَخۡلُفُونَ} (60)

وقوله : { وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ } أي : بدلكم{[26107]} { مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ } ، قال السدي : يخلفونك فيها . وقال ابن عباس ، وقتادة : يخلف بعضهم بعضا ، كما يخلف بعضكم بعضا . وهذا القول يستلزم الأول . وقال مجاهد : يعمرون الأرض بدلكم .


[26107]:- (3) في ت: "بدلا منكم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَا مِنكُم مَّلَـٰٓئِكَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَخۡلُفُونَ} (60)

قوله : وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ يقول تعالى ذكره : ولو نشاء معشر بني آدم أهلكناكم ، فأفنينا جميعكم ، وجعلنا بدلاً منكم في الأرض ملائكة يخلفونكم فيها يعبدونني وذلك نحو قوله تعالى ذكره : إنْ يَشأْ يُذْهِبْكُمْ أيّها النّاسُ وَيأْتِ بآخَرِينَ وكانَ اللّهُ على ذلكَ قَدِيرا وكما قال : إنْ يَشأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدكُمْ ما يَشاءُ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، غير أن منهم من قال : معناه : يخلف بعضهم بعضا . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ يقول : يخلف بعضهم بعضا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ قال : يعمرون الأرض بدلاً منكم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : مَلائِكَةً فِي الأرْض يَخْلفُونَ قال : يخلف بعضهم بعضا ، مكان بني آدم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ لو شاء الله لجعل في الأرض ملائكة يخلف بعضهم بعضا .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ قال : خلفا منكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَا مِنكُم مَّلَـٰٓئِكَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَخۡلُفُونَ} (60)

وقوله تعالى : { ولو نشاء } الآية ، أي لا تستغربوا أن يخلق عيسى من غير فحل ، فإن القدرة تقضي ذلك وأكثر منه .

وقوله : { لجعلنا منكم } معناه : لجعلنا بدلاً منكم ، أي لو شاء الله لجعل بدلاً من بني آدم ملائكة يسكنون الأرض ويخلفون بني آدم فيها . وقال مجاهد وابن عباس : يخلف بعضهم بعضاً .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَا مِنكُم مَّلَـٰٓئِكَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَخۡلُفُونَ} (60)

لما أشارت الآية السابقة إلى إبطال ضلالة الذين زعموا عيسى عليه السلام ابناً لله تعالى ، من قَصره على كونه عبداً لله أنعم الله عليه بالرسالة وأنه عبرة لبني إسرائيل عُقب ذلك بإبطال ما يماثل تلك الضلالة ، وهي ضلالة بعض المشركين في ادعاء بنوة الملائكة لله تعالى المتقدم حكايتها في قوله : { وجَعَلوا له من عباده جُزءاً } [ الزخرف : 15 ] الآيات فأشير إلى أن الملائكة عباد لله تعالى جعَل مكانهم العوالم العليا ، وأنه لو شاء لجعلهم من سكان الأرض بدلاً عن الناس ، أي أن كونهم من أهل العوالم العليا لم يكن واجباً لهم بالذات وما هو إلا وضعٌ بجعل من الله تعالى كما جعل للأرض سكاناً ، ولو شاء الله لعكس فجعل الملائكة في الأرض بدلاً عن الناس ، فليس تشريف الله إياهم بسكنى العوالم العليا بموجب بُنوتهم لله ولا بمقتضضٍ لهم إلهية ، كما لم يكن تشريف عيسى بنعمة الرسالة ولا تمييزُه بالتكوّن من دون أب مقتضياً له إلهاية وإنما هو بجعل الله وخلقه .

وجُعِل شرط { لو } فعلاً مستقبلاً للدلالة على أن هذه المشيئة لم تزل ممكنة بأن يعوِّض للملائكة سكنى الأرض .

ومعنى ( مِن ) في قوله : { منكم } البدلية والعِوَض كالتي في قوله تعالى : { أرَضِيتُم بالحياة الدنيا مِنَ الآخرة } [ التوبة : 38 ] .

والمجرور متعلق ب ( جعلنا ) ، وقُدّم على مفعول الفعل للاهتمام بمعنى هذه البَدَلية لتتعمق أفهام السامعين في تدبرها .

وجملة { في الأرض يخلفون } بيان لمضمون شبه الجملة إلى قوله : { منكم } وحذف مفعول { يخلفون } لدلالة { منكم } عليه ، وتقديم هذا المجرور للاهتمام بما هو أدل على كون الجملة بياناً لمضمون { منكم } . وهذا هو الوجه في معنى الآية وعليه درج المحققون . ومحاولة صاحب « الكشاف » حمل { منكم } على معنى الابتدائية والاتصال لا يلاقي سياق الآيات .