الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَا مِنكُم مَّلَـٰٓئِكَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَخۡلُفُونَ} (60)

قوله : { لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً } : في " مِنْ " هذه أقوالٌ ، أحدها : أنها بمعنى بَدَل أي : لَجَعَلْنا بَدَلكم . ومنه أيضاً

{ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ } [ التوبة : 38 ] أي بَدَلَها . وأنشد :

4005 أخَذُوا المَخاضَ من الفَصيل غُلُبَّةً *** ظُلْماً ويُكْتَبُ للأمير إفالا

وقال آخر :

4006 جارِيَةٌ لم تَأْكُلِ المُرَقَّقَا *** ولم تَذُقْ من البُقولِ الفُسْتقا

والثاني : - وهو المشهورُ - أنها تبعيضِيَّةٌ . وتأويلُ الآية عندهم : لَوَلَّدْنا منكم يا رجالُ ملائكةً في الأرض يَخْلُفونكم كما يَخْلُفكم أولادُكم ، كما وَلَّدْنا عيسى مِنْ أنثى دونَ ذكرٍ ، ذكره الزمخشري . والثالث : أنها تبعيضيَّةٌ . قال أبو البقاء : " وقيل : المعنى : لَحَوَّلْنا بعضَكم ملائكةً " . وقال ابن عطية : " لَجَعَلْنا بَدَلاً مِنْكم " .