اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَا مِنكُم مَّلَـٰٓئِكَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَخۡلُفُونَ} (60)

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً } أي لو نشاء لأهلكناكم وجعلنا بدلاً منكم ملائكة { فِي الأرض يَخْلُفُونَ } أي يكونون خلفاً منكم{[50011]} يَعْمُرونَ الأرض ، ويعبدونني ويطيعوني{[50012]} . وقيل : يخلف بعضُهم بعضاً{[50013]} .

قوله : { لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً } في مِن هذه أقوال :

أحدها : أنها بمعنى بدل أي لجعلنا بَدَلَكُمْ كما تقدم{[50014]} في التفسير ، ومنه أيضاً { أَرَضِيتُمْ بالحياة الدنيا مِنَ الآخرة } [ التوبة : 38 ] أي بدلها . وأنشد ( رَحْمَةُ{[50015]} اللهِ عليه ) :

4415 أَخَذُوا المَخَاضَ مِنَ الفَصِيلِ غُلُبَّةً *** ظُلْماً وَيُكْتَبُ للأَمِيرِ إفَالاً{[50016]}

وقال آخر :

4416 جَارِيَةٌ لَمْ تَأكُل المُرَقَّقَا *** وَلَمْ تّذُقْ مِنَ البُقُولِ الفُسْتُقَا{[50017]}

والثاني : هو المشهور : أنها تبعيضية . وتأويل الآية لولدنا منكم يا رجالُ ملائكةً في الأرض يَخْلُفُونَكُمْ كما تخلفُكُمْ أولادكم ، كما ولدْنا عيسى من أنثى دونَ ذكر . ذكره الزمخشري{[50018]} .

والثالث : أنها تبعيضية قال أبو البقاء وقيل : المعنى لَحَوَّلْنَا بعضَكُمْ ملائكة{[50019]} .


[50011]:وهو رأي السدي.
[50012]:وهو رأي مجاهد رضي الله عن الجميع.
[50013]:انظر هذا في القرطبي 16/105، وبالأخير قال الإمام الزجاج في معانيه 4/417.
[50014]:ذكره السمين في الدر المصون 4/797 والزجاج في معاني القرآن 4/417 ونقله القرطبي عن الأزهري في الجامع 16/105.
[50015]:زيادة من أ.
[50016]:أوردت النسختان إفالا، وليس كذلك البيت في ديوان الراعي والبيت له من تام الكامل من قصيدة طويلة يخاطب بها عبد الملك بن مروان. والمخاض: الحوامل من النوق واحدها خلفة من غير لفظها، والفصيل ولد الناقة عند فطامه. والغلبة مصدر بمعنى الغلبة، والأفيل الصغير من الإبل، وسمي بذلك لأفوله أي لغيبته بينهما. ومعناه أن عمال الزكاة يأخذون النوق ويحرمون صغارها ومع ذلك يخبرون الأمير بأنهم لم يأخذوا من أصحاب الأموال إلا الإفال من الإبل. وقد تقدم.
[50017]:من الرجز وينسب لأبي نخيلة وشاهده كسابقه في مجيء من بمعنى البدل وقد تقدم.
[50018]:الكشاف 3/494.
[50019]:انظر التبيان 1141 ولم ينسبه.