إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَا مِنكُم مَّلَـٰٓئِكَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَخۡلُفُونَ} (60)

وقولُه تعالَى : { وَلَوْ نَشَاء } الخ لتحقيقِ أنَّ مثلَ عيسَى عليهِ السلامُ ليسَ ببدعٍ من قدرةِ الله وأنَّه تعالَى قادرٌ على أبدعَ منْ ذلكَ وأبرعَ ، مع التنبيهِ على سقوطِ الملائكةِ أيضاً من درجةِ المعبوديةِ أي قدرتُنا بحيثُ لو نشاءُ { لجَعَلْنَا } أي لخلقَنا بطريقِ التوالدِ { منكُمْ } وأنتمُ رجالٌ ليسَ من شأنِكم الولادةُ { مَلَائِكَةٌ } كما خلقناهُم بطريقِ الإبداعِ { فِي الأرض } مستقرينَ فيها كما جعلناهُم مستقرينَ في السماءِ { يَخْلُفُونَ } أي يخلُفونكُم مثلَ أولادِكم فيمَا تأتونَ وما تذرونَ ويُباشرونَ الأفاعيلَ المنوطةَ بمباشرتِكم مع أنَّ شأنَهُم التسبيحُ والتقديسُ في السماءِ فمَنْ شأنُهم بهذه المثابةِ بالنسبةِ إلى القدرةِ الربانيةِ كيفَ يُتوهمُ استحقاقُهم للمعبوديةِ أو انتسابُهم إليهِ تعالَى عن ذلكَ عُلواً كبيراً .