معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰٓ} (35)

{ أولى لك فأولى } هذا وعيد على وعيد من الله عز وجل لأبي جهل ، وهي كلمة موضوعة للتهديد والوعيد . وقال بعض العلماء : معناه أنك أجدر بهذا العذاب وأحق وأولى به ، تقال للرجل يصيبه مكروه يستوجبه . وقيل : هي كلمة تقولها العرب لمن قاربه المكروه وأصلها من المولى وهو القرب ، قال الله تعالى : { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار }( التوبة- 123 ) . وقال قتادة : " ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية أخذ بمجامع ثوب أبي جهل بالبطحاء وقال له : { أولى لك فأولى * ثم أولى لك فأولى } فقال أبو جهل : أتوعدني يا محمد ؟ والله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا شيئاً ، وإني لأعز من مشى بين جبليها ! فلما كان يوم بدر صرعه الله شر مصرع ، وقتله أسوأ قتلة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن لكل أمة فرعوناً وإن فرعون هذه الأمة أبو جهل " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰٓ} (35)

والقرآن يواجه هذه الخيلاء الشريرة بالتهديد والوعيد :

( أولى لك فأولى . ثم أولى لك فأولى ) . .

وهو تعبير اصطلاحي يتضمن التهديد والوعيد ، وقد أمسك رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بخناق أبي جهل مرة ، وهزه ، وهو يقول له : ( أولى لك فأولى . ثم أولى لك فأولى ) . . فقال عدو الله : أتوعدني يا محمد ? والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئا . وإني لأعز من مشى بين جبليها ! ! فأخذه الله يوم بدر بيد المؤمنين بمحمد [ صلى الله عليه وسلم ] وبرب محمد القوي القهار المتكبر . ومن قبله قال فرعون لقومه : ( ما علمت لكم من إله غيري ) . . وقال : ( أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ? ) . . ثم أخذه الله كذلك .

وكم من أبي جهل في تاريخ الدعوات يعتز بعشيرته وبقوته وبسلطانه ؛ ويحسبها شيئا ؛ وينسى الله وأخذه . حتى يأخذه أهون من بعوضة ، وأحقر من ذبابة . . إنما هو الأجل الموعود لا يستقدم لحظة ولا يستأخر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰٓ} (35)

ثم أولى لك فأولى أي يتكرر ذلك عليه مرة بعد أخرى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰٓ} (35)

وقوله : { ثم أولى لك فأولى } تأكيد للدعاء عليه ولتأكيده السابق .

وجيء بحرف { ثم } لعطف الجملة دلالة على أن هذا التأكيد ارتقاء في الوعيد ، وتهديد بأشدَّ مما أفاده التهديد الأول وتأكيدُه كقوله تعالى : { كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون } [ التكاثر : 3 ، 4 ] .

وأحسب أن المراد : كُلُّ إنسان كافر كما يقتضيه أول الكلام من قوله { أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه } إلى قوله : { بل الإِنسان على نفسه بصيرة } [ القيامة : 3 14 ] ، وما أبو جهل إلاّ مِن أولهم ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم توعده باللفظ الذي أنزله الله تهديداً لأمثاله .

وكلمات المتقدمين في كون الشيء سبب نزول شيء من القرآن كلمات فيها تسامح .