نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ثُمَّ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰٓ} (35)

فقال مشيراً بأداة التراخي إلى عظيم ما ارتكب وقوة استحقاقه لهذا التأكيد : { ثم أولى لك } أي أيها الذي قد أحل نفسه بالغفلة دون محل البهائم { فأولى * } أي وصلت إلى هذا الهلاك بداهية تعقبها{[70329]} تارة متوالياً وتارة متراخياً ، وبعضها أعظم من بعض ، لحقك ذلك لا محالة ، فإن هذا دعاء ممن{[70330]} بيده الأمر كله ، ويجوز أن يكون المعنى{[70331]} : أولى لك أن تترك ما أنت عليه وتقبل على ما ينفعك ، وقال ابن جرير في تفسير المدثر{[70332]} : إن أبا جهل لما استهزأ على جعل خزنة{[70333]} النار تسعة عشر أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه فيأخذ بيده في بطحاء مكة فيقول{[70334]} له : أولى لك - إلى آخرها ، فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل : والله لا تفعل أنت وربك شيئاً ، فأخزاه الله -{[70335]} يوم بدر - انتهى . ويمكن تنزيل الكلمات الأربع على حالاته{[70336]} الأربع : الحياة ثم الموت ثم البعث ثم دخول النار ، فيكون المعنى : لك المكروه الآن وفي الموت والبعث ودخول النار . قال البغوي{[70337]} : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن لكل أمة فرعوناً ، وإن فرعون هذه الأمة أبو جهل " وقد أفهمت الآية أن من أصلح قوتي علمه وعمله بأن صدق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأقبل وأقام الصلاة فتبعتها{[70338]} جميع الأعمال التي هي عمادها ، فنشأ عن ذلك خلق حسن وهو الوجل مع الطاعة ، فهنالك{[70339]} يقال له : بشرى لك فبشرى ثم بشرى لك-{[70340]} فبشرى .


[70329]:من ظ و م، و م الأصل: تعقب لها.
[70330]:من ظ و م، وفي الأصل: من.
[70331]:راجع 29/87.
[70332]:راجع 29/87.
[70333]:من ظ و م، وفي الأصل: ملائكة.
[70334]:في م: ويقول.
[70335]:زيد من ظ و م والتفسير.
[70336]:من ظ و م، وفي الأصل: حالته.
[70337]:راجع المعالم 7/156.
[70338]:من ظ و م، وفي الأصل: تبعتها.
[70339]:من ظ و م، وفي الأصل: هنالك.
[70340]:زيد من ظ و م.