قوله : { أولى لَكَ فأولى } تقدم الكلام عليه في أول سورة القتال ، وإنما كررها هنا مبالغة في التهديد والوعيد ، فهو تهديد بعد تهديد ووعيد بعد وعيد ؛ قالت الخنساء : [ المتقارب ]
5013 - هَمَمْتُ بنَفْسِيَ كُلَّ الهُمومِ*** فأولَى لِنفْسِيَ أوْلَى لَهَا{[58760]}
وقال أبو البقاء هنا : «وزن » أولى فيه قولان :
أحدهما : «فَعْلَى » والألف فيه للإلحاق لا للتأنيث .
والثاني : هو «أفعل » ، وهو على القولين هنا «علمٌ » ، ولذلك لم ينون ، ويدل عليه ما حكى أبو زيد في «النوادر » : هو أولاة - بالتاء - غير مصروف ، لأنه صار علماً للوعيد ، فصار كرجل اسمه أحمد ، فعلى هذا يكون أولى مبتدأ ، و «لك » الخبر .
والثاني : أن يكون اسماً للفعل مبنياً ، ومعناه : وليك شر بعد شر ، و «لك » تبيين .
قال قتادة ومقاتل والكلبي : «خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ المَسْجدِ ذَاتَ لَيْلةٍ فاسْتقَبلهُ أبُو جَهْل على بَابِ المَسْجدِ ممَّا يلي باب بني مَخْزُوم ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فهزه مرة أو مرتين ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوْلَى لَكَ فأوْلَى ، ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأوْلَى " فقال أبو جهلٍ : أتُهدِّدنِي ؟ فواللَّهِ إنِّي لأعزُّ أهل هذا الوَادِي وأكْرمهُ ، ولا تَسْتطِيعُ أنْتَ ولا ربُّكَ أن تَفْعَلا بِي شَيْئاً ثُمَّ انسَلَّ ذَاهِباً » ، فأنزل الله - تعالى - كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام{[58761]} .
ومعنى أوْلَى لَكَ يعني ويل لك ؛ قال الشاعر : [ الوافر ]
5014 - فأوْلَى ثُمَّ أوْلَى ثُمَّ أوْلَى*** وهَلْ لِلدَّرِّ يُحْلَبُ مِنْ مَرَدِّ ؟{[58762]}
وقيل : هو من المقلوب ، كأنه قيل : «ويل » ثم أخر الحرف المعتل ، والمعنى : الويل لك يوم تدخل النار ؛ وهذا التكرير كقوله : [ الطويل ]
5015 - . . . *** لَكَ الوَيْلاتُ إنَّكَ مُرْجِلِي{[58763]}
وقيل : معناه الذم لك أولى من تركه .
وقيل : المعنى أنت أولى وأجدر بهذا العذاب .
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : قال الأصمعي «أولى » في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك كما تقول : قد وليت الهلاك ، أي دانيت الهلاك ، وأصله من «الولي » وهو القرب ، قال تعالى : { قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ } [ التوبة : 123 ] أي : يقربون منكم .
قال القرطبي : «وقيل : التكرير فيه على معنى من ألزم لك على عملك السيئ الأول ثم الثاني والثالث والرابع » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.